يبدو أن عصر السرعة والراحة الذي نعيشه في الوقت الراهن عوّد نساءنا على الكسل والاتكال على التكنولوجيا في الحياة اليومية كالأعمال المنزلية، المكتبية وغيرها، بل بلغت درجة الاتكال إلى حد إخفاء ألم مخاض الولادة وتسهيل عملية الوضع بما يطلق عليه ب”تقنيات الولادة بدون ألم”، وهي التقنية التي أصبحت ضالة بعض الحوامل التي يبحثن عنها في عيادات التوليد الخاصة، رغم كونها غريبة عن مجتمعنا ولا ندرك بعد مخاطرها و تبعاتها. أكدت الدكتورة شريفي، المختصة في التوليد وطب النساء، في حديثها ل”الفجر”، أن الطلب على تقنية الولادة بدون ألم أضحى في تزايد مستمر، خاصة في السنوات الثلاث الماضية، لاسيما من طرف النساء الحوامل لأول مرة، نظرا لتخوفهن من خوض مغامرة الولادة التي طالما سمعن أنها أصعب وظائف المرأة منذ الأزل، خاصة أن سعرها يتراوح بين 10 و20 ألف دج، وهو ما يغني المرأة الحامل عن دفع مبالغ كبيرة للخضوع للعمليات القيصرية التي تراجعت سمعتها كثيرا مؤخرا بسبب آثارها الجانبية، مشيرة إلى أن هذه التقنية تتضمن تسكين الألم أثناء الولادة من خلال طرق متنوعة، كتقنية إبرة البثيدين أو المورفين المخففة للألم، وقناع الأكسجين مع غاز ثاني أكسيد النيتروجين، إلا أن أكثر الأساليب المتبعة بالمستشفيات والعيادات الخاصة ببلادنا هي تقنية إبرة الظهر التي يطلق عليها ب”إبرة الابيديورال”. وأضافت الدكتورة شريفي “أن المرأة الحامل تخضع للتخدير الموضعي لدى استخدام تقنية التخدير بإبرة الظهر لتمديد عنق الرحم، وتخدير الجزء السفلي من الجسم يعد حوالي 10 دقائق من إجراء إبرة التخدير، ما سيساهم في تخفيف آلام تقلصات الرحم خلال مراحل الولادة. وشددت محدثتنا على ضرورة ملاحظة تقلصات الرحم ونبضات قلب الجنين لحماية الجنين والأم من أي مضاعفات الحامل، خاصة في حالات الولادة الأولى، الحمل بتوائم، أو إصابة الحامل بإحدى الأمراض المزمنة كمرض السكري الذي يصيب عددا لا بأس به من النساء الحوامل. وبخصوص الآثار الجانبية بعد الولادة، أكدت الدكتورة أنه قد يلازم الأم صداع ما بعد الولادة، ويمكن التخلص منه خلال 4 إلى 6 ساعات عن طريق الاستلقاء بطريقة أفقية في الفراش وأخذ مسكنات بشرط ألا تؤثر على الضغط، كما قد تؤثر الإبرة على الجهاز البولي نتيجة التأثير على عضلات الجزء السفلي من الجسم، وقد تصل الآثار الجانبية إلى الإصابة بالشلل التام، لكن هي حالات نادرة جدا. وفي استفسارنا عن مدى إقبال الجزائريات على هذه التقنية، أوضحت الدكتورة أن الإقبال هو في تزايد مستمر، لاسيما أنها تقنية دخيلة على مجتمعنا الإسلامي، فمعظم الجزائريات يتخوفن من مخاطرة استخدام مثل هذه التقنيات وتفضيل تحمل ألم المخاض، خاصة بعد انتشار الأخطاء الطبية وفضائح عيادات التوليد في السنوات الأخيرة، لكن هذا لا يمنع ولَع بعض النساء الحوامل من تجاوز ألم المخاض وتسهيل عملية وضع الجنين، لاسيما بالنسبة للحوامل للمرة الأولى. حوامل يبتغينها وأخريات يفضلن “التكفير عن السيئات” وعن مدى قابلية الحوامل للوضع بتقنية الولادة بدون ألم، أكدت لنا السيدة “سهام.ت”، أنها تنوي وضع مولودها الجديد بإبرة الظهر، خاصة بعد إثبات فاعليتها في التقليل من آلام المخاض لدى وضعها لمولودها الأول الذي يبلغ 3 سنوات، مؤكدة أنها تقنية فعالة جدا لن تتوانى عن استعمالها. إلا أن رأي السيدة “نسيمة.ز” الحامل في الشهر السابع كان مخالفا، والتي أخبرتنا أنها لن تخاطر أبدا بحياتها وحياة جنينها، بل تفضل تحمل الآلام والوضع بطريقة طبيعية، خاصة أنها تكفير لسيئات الأم.. أما الآنسة (سهيلة.ع)، وهي طالبة في السنة الثانية، فقالت إنها لن تفوت أبدا مثل هذه الفرصة لتجاوز آلام الولادة، خاصة بعد وقوفها على معاناة أختها التي وضعت مولودا مؤخرا، قائلة “طالما يمكننا تفادي هذه الآلام لا أرى الداعي لعدم استعمالها”.