تراجع الرئيس المصري، محمد مرسي، عن القرار الدستوري الذي أدخل بلاده في أزمة سياسية خطيرة، مستبدلا إياه بقرار جديد حث فيه على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده المحدد، بينما استقبلت المعارضة القرار الجديد بتمسكها بمطلب إلغاء الاستفتاء. ألغى الرئيس المصري، محمد مرسي، الإعلان الدستوري الذي أثار جدلا سياسيا في مصر مع الإبقاء على ما ترتب عليه من آثار وذلك عقب اجتماعه مع بعض رموز القوى السياسية لحل الأزمة في البلاد. وأعلنت جماعة ”الإخوان المسلمين” عن أنها ستنظم في وقت لاحق وقفات حاشدة أمام المركز الرئيسي للجماعة في منطقة المقطم، شمال شرق القاهرة، لتأييد الإعلان الدستوري الجديد الذي تمخضت عنه جلسة الحوار الوطني التي عقدت أمس في القصر الرئاسي واستمرت نحو 10 ساعات. وفي المقابل، قال أحمد سعيد وهو عضو بارز في جبهة الإنقاذ الوطني، وهي تكتل المعارضة الرئيسي في مصر، أمس الأحد، إن قرار الرئيس المضي قدما في إجراء استفتاء على مسودة الدستور الجديد ”صادم” وسيعمق الأزمة السياسية. وأضاف سعيد عضو جبهة الإنقاذ الوطني ورئيس حزب المصريين الأحرار لرويترز ”هذا يجعل الأمور أسوأ بكثير”. ومضى يقول ”لا أستطيع أن أتخيل أن بعد كل هذا يريدون تمرير دستور لا يمثل كل المصريين”. وأردف قائلا إن الجبهة ستعقد اجتماعا في وقت لاحق خلال الساعات القادمة لتقديم رد رسمي على قرار مرسي إلغاء الإعلان الدستوري الذي أدى إلى اندلاع أعمال عنف أسفرت عن سقوط قتلى والتمسك بإجراء الاستفتاء على الدستور في موعده المقرر في 15 ديسمبر. وجاء الإعلان عن إلغاء مرسي المرسوم الذي أصدره في 22 نوفمبر بعد محادثات استمرت ساعات أول أمس السبت في قصر الرئاسة وصفت بأنها ”حوار وطني”، ولكن معارضيه الرئيسيين قاطعوها ولم يكن لها مصداقية تذكر بين المحتجين. ووصفت جماعة 6 أبريل التي ساعدت على حشد المحتجين الذين أطاحوا بمبارك في 2011 في بيان نتيجة المحادثات بأنها ”استكمال لمسلسل الخداع”. وتضمن الإعلان الدستوري الجديد إلغاء الإعلان الدستوري السابق، وكذا إعادة التحقيقات في جميع جرائم قتل الثوار التي ارتكتب إذا ما توفرت أدلة وقرائن جديدة، وتتم إعادة المحاكمة، حتى لو كان قد صدر حكم نهائي بالبراءة. بالإضافة إلى حالة عدم موافقة المواطنين على مشروع الدستور يدعو رئيس الجمهورية لانتخاب جمعية تأسيسية خلال 3 أشهر انتخاباً حراً من الشعب على أن تنهي الجمعية الجديدة إعداد مشروع الدستور خلال 6 أشهر على أن يطرح الرئيس للاستفتاء في مدة لا تزيد عن شهر. وأكد أنه لا يجوز الطعن على الإعلان الدستوري ولا الإعلانات الدستورية السابقة الصادرة أمام المحاكم. في غضون ذلك، ناشد رئيس الوزراء المصري هشام قنديل مختلف القوى والتيارات السياسية من المعتصمين أمام المحكمة الدستورية العليا، وفي ميدان التحرير، وأمام قصر الاتحادية، وأمام مدينة الإنتاج الإعلامي إنهاء اعتصامهم والتوجه للتصويت يوم السبت 15 ديسمبر ”ليعبر كل فريق عن موقفه وكل صاحب رأي عن رأيه من خلال صناديق الاستفتاء باعتبارها الوسيلة الشرعية القادرة على تحقيق الأهداف المنشودة”. كما تم الإسراع بترتيبات التصويت على مواد الدستور في الجمعية التأسيسية التي يمثل أفراد من جماعة الإخوان المسلمين وإسلاميون آخرون أغلب أعضائها. وانسحب ليبراليون وآخرون قائلين إن آراءهم لم تلق آذانا صاغية. وتزامنا مع ذلك، كانت هناك دبابات وعربات عسكرية تابعة لقوات الحرس الجمهوري متمركزة أمام القصر لحمايته بعد اشتباكات في الأسبوع الماضي بين إسلاميين ومعارضين للرئيس، ما أسفر عن مقتل سبعة وإصابة نحو 350 آخرين. وتدخل الجيش الذي أدار البلاد خلال فترة مؤقتة مضطربة بعد سقوط مبارك في الأزمة، أول أمس، ليقول للأطراف المتناحرة إن الحوار ضروري لتفادي ”كارثة”. ولكن مصدرا عسكريا قال إن هذا ليس مقدمة لاستعادة الجيش السيطرة على مصر أو الشوارع. من جهة أخرى أكد العوا في البيان الذي تلاه، للإعلان عن القرار الدستوري الجديد، إن جلسة الحوار خلصت إلى أن ”الميعاد المنصوص عليه في المادة 60 من الإعلان الدستوري الصادر يوم 30 مارس 2011 ميعاد إلزامي وليس ميعادا تنظيميا ولا يجوز لرئيس الجمهورية أن يخالف ذلك لا تأجيلا ولا بالتغيير”. ونصت تلك المادة على أنه على رئيس الجمهورية أن يعرض مشروع الدستور للاستفتاء بعد 15 يوما من تلقيه من اللجنة التأسيسية.