تُختتم غدا الطبعة التاسعة للصالون الوطني للكتاب الذي عرف مشاركة 100 دار نشر من مختلف ولايات الوطن، احتضنه فيها قصر المعارض بالصنوبر البحري مدة عشرة أيام كاملة، مَنحَ فيها المعرض لزواره من المهتمين بالكتاب فرصة الاحتكاك بجديد النشر في الجزائر الذي تقدمه دور النشر على اختلاف أولوياتها. المعرض الوطني التاسع للكتاب الذي سهرت على تنظيمه النقابة الوطنية لناشري الكتب الذي يرأسها الناشر أحمد ماضي، بالتعاون مع الشركة الجزائرية للمعارض والتصدير ”صافاكس”، فتح أبوابه أمام الكثير من الناشرين الذين مثلوا العديد من الولايات منها وهران، قسنطينة، سطيف، وادي سوف، البليدة، العاصمة ومناطق أخرى، كما فتح المعرض أبوابه أمام كل الشرائح المهتمة بالكتاب وبحضور الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية توفرت العناوين التي تخدم تلاميذ الأطوار المدرسية الثلاث، بالإضافة إلى ذلك سجل الطلبة الجامعيون حضورهم إلى جانب الكثير من الشغوفين بالمطالعة ممن تعودوا على اتخاذ الكتاب خير جليس في الأنام، فكان الاختلاف الذي شمل مستويات زوار المعرض نتيجة حتمية لتنوع العناوين التي قدمها الصالون من أدب، تاريخ، سير وغيرها من الكتب التي تغوص في مجالات الثقافة بكل أشكالها. تنظيم حضي بإشادة الزوار تعتبر مشاركة 100 دار نشر في الطبعة التاسعة من المعرض الوطني للكتاب، مشاركة معتبرة بالنظر إلى المشاكل التي عصفت لسنوات طويلة بالنقابة الوطنية لناشري الكتب قبل الوصول إلى تحقيق تظاهرة بهذا المستوى تحفظ للكتاب ماء وجهه في زمن سيطرت فيه التكنولوجيا على كل اهتمامات الإنسان وأزاحت الكتاب عن قائمة أولوياته حتى لا نضطر للقول جعلته من أولوياته إن لم نقل آخر اهتماماته، لكن ما يحسب للطبعة التاسعة التي خرجت بعد مخاض عسير أرادت رغم كل شيء أن تكون القراءة ضرورة اجتماعية ملحة، وأن ترتقي صناعة الكتاب وكل ما يتعلق بها من نشر، توزيع ونقاش إلى أولويات القائمين على شؤون الثقافة في الجزائر. أجمع زوار المعرض الذين التقتهم ”الفجر”، خلال الزيارتين اللتين قامت بهما إلى قصر المعارض بأن التنظيم كان في المستوى، مثمنين جهود القائمين على الطبعة التي أتاحت لهم فرصة البحث عن اهتماماتهم المختلفة بين رفوف الأجنحة التي قدمت تنوعا في العناوين المعروضة ولبث رغبات المهتمين بالإصدارات على تشعبها، وذهب البعض ممن تحدثنا إليهم إلى القول بأن المعرض الوطني يمنح للزائر مساحة كافية للبحث عن مراده الأدبي، الأمر الذي يتح في المعرض الدولي للكتاب الذي يشتت اهتمامات الفرد بين بحثه عن تلبية حاجيات أوسع بالتعرف على جديد الكتب العالمية لأنها الفرصة الوحيدة التي يحتك بها مع مختلف دور النشر العربية والغربية، وبين ما يحتاجه فعلا في مساره العلمي أو الأدبي وغيره، كما أن حجم العارضين العرب والأجنبيين مقارنة بمدة الصالون الدولي التي لا تتجاوز الأسبوع، كما قال سمير أحد زوار المعرض لا تخدم دور النشر الجزائرية فتتعرض هذه الأخيرة للتهميش أمام الاهتمام المتزايد بغيرها من دور النشر، لذلك يرى المتحدث أن الصالون الوطني أنسب فرصة لمنح فضاء أوسع لاحتكاك القارئ الجزائري بناشريه من مختلف الأقطاب. تخفيضات هامة... وإقبال كبير على الكتاب المدرسي ما شدّ اهتمام ضيوف المعرض الذي تزامن والعطلة الشتوية، التخفيضات التي عرفتها أسعار الكتب على كل العناوين، وإن اختلف نسبة التخفيضات من دار نشر إلى أخرى، إلا أن هذه المبادرة لاقت استحسان الزوار، الذين وجدوا في ذلك تسهيلا لاقتنائهم العديد من العناوين التي تخدم تطلعاتهم، الأمر الذي أكدته دار ”الجزائرية” التي خفضت أسعار معروضاتها بنسبة 20% شملت كل العناوين من كتب مدرسية، كتب دينية وغيرها. كما كان لتزامن تنظيم المعرض مع العطلة الشتوية وقع إيجابي على أصداء هذا الأخير الذي عرف إقبالا ملفتا للإنتباه حتى في الأيام العادية للأسبوع، والذي حضيت فيه شريحة المتمدرسين بحصة الأسد، وهي الفئة التي وجدت غايتها في ما جادت به دور النشر الجزائرية التي كانت كريمة بإصداراتها إلى أبعد حد مع قرائها على اختلاف مستوياتهم. وللكتاب التاريخي حضوره في الطبعة التاسعة يبدو واضحا في الطبعة التاسعة من الصالون الوطني للكتاب التركيز الكبير على الكتب التاريخية التي كان حضورها بارزا، وذلك لأن الناشر كغيره من الفاعلين في الساحة الجثقافية الجزائرية أراد أن يكون مساهما فعلا في تخليد الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، على اعتبار أن كل القطاعات على مستوى الوطن أبدت اهتماما كبيرا بهذه المناسبة الوطنية، التي لم يشأ لا الكتاب الجزائريون ولا دور النشر أن تمر مرور الكرام دون التدوين لها، وتوريثها للأجيال القادمة ولا يوجد أفضل من الكتب شاهدة على تاريخ الجزائر وعن تضحيات أبناء هذا الوطن، حيث أعادت الكتب التاريخية التي عرضت بالصالون الوطني فتح صفحات التاريخ الجزائري مسلطة الضوء من جهة على المناطق التاريخية مستعيدة بذلك أمجاد الثورة الجزائرية، كما أعادت من جهة ثانية إشعال شموع العديد من الشخصيات الجزائرية التاريخية التي قدمت النفس والنفيس تكريسا للحرية، وأماطت كتب أخرى اللثام على مناضلين وشهداء لم يلتفت إليهم سابقا مشيدة بدورهم الفعال في مسيرة النضال الجزائري. برنامج ثقافي ثري ناقش محاور تخدم الكتاب لم يغفل منظمو الدورة التاسعة من المعرض الوطني للكتاب دور النشاط الثقافي وما يضفيه هذا الأخير من حركية على فعاليات الصالون، حيث احتضن فضاء الندوات بالجناح المركزي الكثير من اللقاءات التي أثرت يوميات المعرض اجتمع خلالها الكثير من المختصين على طاولة نقاش واحدة تطرقت إلى العديد من المواضيع الهامة فكانت الثورة الجزائرية في الكتابات الأجنبية محور نقاش أسماء فاعلة في الساحة الثقافية الجزائرية، كما ناقش مختصون آخرون مسألة قضية الذاكرة المشتركة للجزائر والساحل الإفريقي في مواجهة كل أشكال الإرهاب والتطرف الديني، ولأن معرفة مكانة الكتاب في المجتمع الجزائري تعكسه نسبة المقروئية والنشر برمجت في السياق ندوة عالجت العلاقة التي تربط مجال النشر في الجزائر بدرجة مقروئية الجزائريين لمختلف الإصدارات، كما طرح الفضاء الثقافي للمعرض من خلال زاوية خاصة إشكالية العلاقة التي تربط الإعلام بالنشر، حاول المتدخلون من خلالها تحديد العلاقة التي تربط بينهما وتساءلوا إن كان ما يجمع بينهما ترويج أم تثقيف، في انتظار أن يستعرض ضيوف الندوات عشية اليوم دور الكتاب والقراءة في المراكز الثقافية الإسلامية في حماية الهوية الوطنية الدينية من التطرف والإغتراب. كما قدم اتحاد الكتاب الجزائريين العديد من النشاطات الثقافية التي رافقت مشاركته في الصالون الوطني التاسع للكتاب الذي عرض 100 عنوان في شتى الإبداعات والدراسات الأدبية والمجلات تعاقب على تنشيط هذه اللقاءات مبدعون في شتى الميادين من الكتابة، الشعر الذين استعرضوا تجاربهم وقدموا جديد إصداراتهم الأدبية للقراء إلى جانب مشاركة العديد من الأساتذة والباحثين.