تشتهر مدينة ليون، بالجهة الجنوبية الشرقيةلفرنسا، منذ القدم برواج تجارتها وبأسواقها التجارية الكبرى. كما تعرف أيضا بعاصمة الحرير، وتزخر بمصانع الأقمشة المختلفة والسيارات. ومن أبرز أسواقها التجارية سوق “أوبيس” الذي يعد من أكبر وأقدم الأسواق على مستوى الجهة الشرقية الجنوبية بفرنسا. “الفجر” قامت بجولة استطلاعية داخل سوق “أوبيس” الذي يتربع على مساحة شاسعة ببلدية “فون فلان” بالضاحية الشرقية لمدينة ليون، إذ يقصده المغتربون كل يوم أحد من أجل التبضع واقتناء حاجياتهم، خاصة حينما تقترب العطل وموعد العودة لبلدانهم، حيث يستقطب المتسوقون من كل المناطق المجاورة على غرار غرونوبل، شومبيري، سانت إيتيان، بورغ اون براس، فلانس، وحتى من الدول المجاورة، على غرار سويسرا وإيطاليا وألمانيا. ونحن نلج هذا السوق لفتت انتباهنا مظاهر لا تختلف كثيرا عن مظاهر وسمات الأسواق الفرنسية الأخرى، حيث يخيل لك أنك في أحد الأسواق الشعبية في الجزائر، فاللهجة الجزائرية هي المتداولة هناك، وكأنك تتسوق ب”لاندريولي” في سطيف أوسوق بومعطي بالحراش، حيث تسمع عبارات بلهجتنا المعتادة في هذه الأسواق على شاكلة “اشحال هذي، ساعدني في هذي”، وغيرها من المصطلحات الجزائرية، وهو ما يؤكد أن أغلبية التجار والزبائن هم جزائريون. ولمعرفة تفاصيل أكثر عن السوق، اتصلنا بالمدير الذي رحب بنا كثيرا لما علم قدومنا من الجزائر، وأشار في حديثه إلى أن “السوق افتتح في سنة 1974، و سمي ب”أوبيس” نسبة إلى الأشياء القديمة التي كانت تباع فيه حينما افتتح أبوابه لأول مرة، وكان يقصده الفرنسيون من أجل بيع وشراء الأغراض القديمة والعتيقة. يعتبر “مارشي أوبيس”،حسب محدثنا، من أكبر الأسواق على مستوى الجنوب الفرنسي، يتربع على مساحة 5 هكتارات مقسمة إلى 4 أقسام، مساحة مخصصة للألبسة الجديدة، وأخرى للمأكولات التقليدية كالدقيق، الكسرة والكسكسي، الى جانب الخضر والفواكه بمختلف أنواعها. أما القسم الثالث فهو مخصص للأثاث القديم. وفي نهاية السوق تجد مساحة كبيرة مخصصة لبيع السيارات القديمة”. ويستقبل السوق، حسب محدثنا، أزيد من 25 ألف متسوق كل يوم أحد، هؤلاء يأتون من مدينة ليون وما جاورها، ويعمل في السوق 350 تاجر، 45 بالمائة منهم جزائريون، وبنسبة أقل أتراك وحوالي 10 بالمائة فرنسيون، والباقي من جنسيات أخرى. وبالنسبة للمتسوقين، يقول محدثنا إن حوالي 80 بالمائة منهم جزائريون ومغاربة وأفارقة وفرنسيون، يقصدون هذا السوق لرخاء السلع المعروضة، خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث أن أسعاره لا تقارن بالأسعار في المناطق الأخرى، فالمتسوق يربح حوالي 50 بالمائة عن المحلات وباقي المراكز التجارية. ويكتظ السوق عن آخره مع اقتراب العطل المدرسية، خاصة عطلة الصيف، حيث أن العائلات الجزائرية تقتني كل الألبسة والأغراض التي تأتي بها إلى الجزائر من هذا السوق”. بومدين، تاجر جزائري ينحدر من منطقة مستغانم، أكد لنا أنه “في شهر جوان وأوت يشهد السوق اكتظاظا شديدا نظرا لإقبال المهاجرين الذين يسافرون لبلدهم نهاية شهر جوان وبداية شهر جويلية”. من جهة أخرى أوضح لنا أحد المشرفين على تنظيم السوق أن “الأزمة الاقتصادية التي تعيشها فرنسا انعكست بالإيجاب على السوق، ففي الوقت الذي قلت المبيعات على مستوى الفضاءات والمراكز التجارية الكبرى، ازدادت المبيعات بهذا السوق بالنظر إلى أسعاره المنخفضة والمميزة، فالمتسوق الذي يقتني ألبسة من المركز التجاري كمركز “لابارديو” المشهور بليون، إذا اقتنى نفسها من هذا السوق فإنه يربح 50 بالمائة. وبخصوص السلع التي تباع في السوق، 80 بالمائة منها مستورد من الصين، والباقي من إسبانيا وإيطاليا، وبعض الأغراض يأتي بها التجار من الجزائر كالأواني، وأدوات صناعة الحلويات، والسميد والكسكسي. أما الفواكه كالبرتقال فيستورد من المغرب وإسبانيا، والعنب من إيطاليا. كما يباع بالسوق اللفت الجزائري والبطاطا المستوردة من معسكر، والتمر والدڤلة من بسكرة. بعض المتسوقين من الجالية الجزائرية أكدوا أن هذا الفضاء التجاري يعتبر مكانا لالتقاء الجالية، فمثلا مهاجر من سطيف يقطن بمدينة سانت إيتيان يأتي إلى “سوق أوبيس” ليلتقي بأصدقائه وأحبابه.