أكد المؤرخ الفرنسي أوليفي لو كور غران ميزان، أن ”فرنسا ما تزال تعرف ”تأخرا كبيرا” في الاعتراف بجرائمها الاستعمارية”، وما يزال تعليم هذا الماضي الأليم في المدارس يجد عراقيل سياسية، حيث أوضح أن ”فرنسا تعرف تأخرا كبيرا في الاعتراف بالجرائم الاستعمارية، مقارنة بالدول الأخرى التي لها ماض استعماري أمبريالي ومجازر وترحيل السكان المدنيين”. وجاء موقف هذا المؤرخ الفرنسي خلال لقاء بباريس، أول أمس، حول العلاقات الجزائرية-الفرنسية خمسين سنة بعد الاستقلال، حيث رأى في مداخلته خلال الأسبوع ال 8 لمناهضة الاستعمار والعنصرية المنظم من طرف مجموعة ”التخلص من الاستعمار” أن الاعتراف الرسمي سنة 2012 بمجازر 17 أكتوبر 1961 بباريس، يعد اعترافا ب ”جريمة لم يعط لها اسما ولا عنوانا لأن الدولة لم تعين كمسؤولة عن هذه القضية”. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قد أكد يوم 17 أكتوبر الماضي، بأن ”الجمهورية تعترف بكل وعي” بالمجازر التي تعرض لها الجزائريون في 17 أكتوبر 1961، وحيى بالمناسبة روح ضحايا القمع الدموي للشرطة. واعتبر المؤرخ لوكور غران ميزان، أن هذا الاعتراف يشكل ”خطوة صغيرة نحو الأمام”، آملا في أن ”لا يتوقف الرئيس هولاند عند هذا الحد وأن يقوم مستقبلا بخطوة ثانية”. وسجّل في هذا الصدد، أنه من بين النصب التذكارية ”الكثيرة” التي شيدت في باريس ”واحدة فقط في بانيولي تعين جريمة 17 أكتوبر كجريمة دولة ومحافظ الشرطة موريس بابون المتورط الرئيسي فيها”. وبعد أن ذكر بجرائم الإبادة التي ارتكبها حكومة فيشي مع ترحيل السكان لاسيما الأطفال المتمدرسين، سجّل ذات المؤرخ أنه في هذه الحالة ”أعطي للجريمة اسم وعنوان” ولكن بالنسبة للجرائم الاستعمارية ليس الأمر كذلك، مشيرا أنه خلافا لفرنسا التي ”يزعم أنها منارة الحرية والمساواة والأخوة” اعترفت أستراليا عن طريق وزيرها الأول منذ 15 سنة خلت بأن غزو البلد ترجم بتدمير، ترحيل وقتل السكان الأهالي. كما أشار مؤلف دوس فرانس إلى متحف الشعوب المضطهدة بواشنطن الذي استغل مديره خلال حفل التدشين منذ خمسين سنة خلت للتصريح أن التوسع الأمريكي نحو الغرب أفضى إلى ترحيل إجباري للسكان ومجازر واغتيالات في حق الهنود. ويرمي أسبوع مناهضة الاستعمار إلى العمل على تفكيك ذاكرة رسمية مرصعة بأحداث مجيدة ومهام حضارية أخرى كتبت من خانة تزوير الحقيقة وتحليل الأعمال التمييزية ما بعد الاستعمار. وفي سنة 2012، شكّل الاحتفال الذكرى ال 50 لاستقلال الجزائر محور الأسبوع ال 7 لمناهضة الاستعمار والعنصرية الذي نظم بمبادرة من مجموعة ”التخلص من الاستعمار” تتكون من جمعيات تم إنشاؤها في سياق التنديد بقانون 25 فيفري 2005 حول ”الطابع الإيجابي للاستعمار”.