تصر الكثير من العرائس والعرسان على اقتناء كل المستلزمات الضرورية والإضافية من أجل التفاخر في حفلات الزفاف. ومهما قيل عن محاولة البعض تخفيض تكاليف الزواج، فيبدو من الصعب جدا الاقتناع أن الجمع بين طقوس الزفاف على الطريقة الجزائرية، والاقتصاد في المصاريف معادلة ممكنة. مصاريف كبيرة وأعباء ثقيلة تنتظر كل من تراوده فكرة الارتباط وإقامة الزفاف، فغلاء المعيشة وغلاء المهور قضيا على مشاريع العديد من الشبان الحالمين في تكوين أسر، زد على ذلك بعض العادات والتقاليد الجزائرية التي رغم تواجدها حاليا في بعض المناطق فقط، إلا أنها مازالت بما تفرضه من أعباء إضافية أحد أهم الشروط التي تتمسك بها عائلات جزائرية والتي لا يتم الزفاف إلا بها. وبالرغم من أن هذه التقاليد كانت فيما مضى كالبهارات التي تنكه أعراس آبائنا وأجدادنا رغم بساطة عيشهم، إلا أنه يبدو أن نفس هذه التقاليد قد تطورت بما يتلاءم مع مستجدات هذا العصر من حلويات عصرية وعلب فاخرة من “الكارتون” والخشب والفخار. مواد التغليف.. كماليات ترهق الجيوب خلال زيارتنا لأهم أسواق الجملة بالعاصمة، المختصة بالتغليف، تفاجأنا بالأسعار الخيالية لمواد التغليف، حيث تتراوح أسعار علب الحلويات لوحدها بين 30 إلى 170 دج وما فوق للعلبة الواحدة، لتصل في بعض الأحيان إلى 200 و300 دج للعلبة، لاسيما المصنوعة من الفخار والمستوردة من المغرب. وبحساب بسيط فقد تكلف هذه المواد البسيطة وحدها في العرس 10 ملايين سنتيم، دون احتساب ما يقدم معها من حلويات وقهوة ومشروبات مختلفة، بالإضافة إلى حلوى الأطفال والمثلجات والموالح وغيرها من الأمور المكلفة الأخرى. وبدعة جديدة تضاف إلى قائمة مصاريف الولائم، هي الرضاعات البلاستيكية المتنوعة الأشكال والألوان، والتي تقدم في حفلات “السبوع” و”العقيقة” والتي تحتوي بداخلها على حلويات “الملبس”. بذخ وتفاخر في أدق التفاصيل.. لم تعد علبة الحلويات والمناديل المقدمة مع الحلويات وحدها تستوجب الاهتمام في مستلزمات الحفلات والولائم، فقد تعدى حب التفاخر والتباهي لدى العائلات الجزائرية ذلك بكثير. وخلال جولتنا ب”ڤاريدي” في العاصمة فوجئنا بالكم الهائل من بعض التفاصيل والأشياء الصغيرة التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف الزبائن، وكان أول هذه المستلزمات المناديل الورقية التي يلصق بها اسم العروسين وتاريخ زفافهما، لتزداد دهشتنا لما علمنا أن هذه المناديل الخاصة المستوردة مع إضافة الاسمين تكلف 100 دج للمنديل الواحد، لتكلف بذلك المناديل وحدها 4 ملايين سنتيم كأدنى حد. وغير بعيد عن الأسماء لاحظنا إقبالا على بطاقات صغيرة تحمل اسم العروسين تضاف بواسطة خيط حريري إلى علب الحلويات، ناهيك عن بعض التفاصيل البسيطة كبعض الأزهار الصغيرة، والبوقالات المزركشة، والأكسيسوارات المستوردة التي تكلف رغم بساطتها أموالا طائلة. ولأجل معرفة سبب عدم الممانعة في إضافة هذه التكاليف تحدثنا إلى عدد من النساء اللاتي التقينا بهن في ذات المكان، وفي ذات السياق تقول صبرينة، التي كانت رفقة ابنتها بصدد شراء بعض المستلزمات، إنها لا تمانع في دفع أي مبلغ من أجل الحصول على النوعية الرفيعة، مضيفة أن مناسبة كزفاف ابنتها الكبرى لن تتكرر مجددا، لذا فلا مانع في الإنفاق مادام سيتيح لها النوعية المنشودة، الأمر الذي شاطرتها فيه سميرة التي تحضر لحفل ختان ابنها، قائلة في ذات السياق:”لم يخطئ المثل القائل عرس ليلة تدبيرته عام، فمن الطبيعي التوفير طوال الوقت من أجل الحصول على المطلوب”. أشكال وأنواع مختلفة من الحلويات تتصدر الحلوى قائمة الأولويات في أعراس الجزائريين، فبدونها لا يكتمل العرس، وكلها حلويات تصنع من اللوز الذي يعرف ارتفاعا في الأسعار مع بداية موسم الصيف من كل سنة، حيث وصل سعره مؤخرا إلى 1500 دج ، أما الفستق والبندق والجوز فحدث ولا حرج!. وتصر أغلب العائلات على صنع أشكال جديدة حتى وإن أتاحت محلات الحلويات ذلك، إلا أن أسعار هذه الأخيرة تتجاوز المعقول، وتصل سعر الحبة الواحدة من الحلوى إلى حدود 60 دج. وخلال بحثنا عن الأنواع التي تفضل الجزائريات صنعها في حفلات الزفاف، لم نتمكن من تحديدها في 3 أو 4 أشكال معهودة، فقد وصل عدد الحلويات التي تقدم في الأعراس ال7 حبات بين التقليدية التي عهدناها والعصرية التي تتفنن “الحلواجيات“ في إغراء زبوناتها بالأشكال والزخارف الجديدة لها، ما يدفعهن إلى اختيارها جميعها وبالتالي زيادة ربح “الحلواجية“. وفي سياق متصل تقول حسيبة، إحدى “الحلواجيات”، إن كتب الطبخ والقنوات التلفزيونية العربية والأجنبية زاد من اطلاعهن على عدد غير محصور من الأنواع التي تتطلب الحرفية والإتقان. وعن إرهاق جيوب الزبائن، تقول محدثتنا إنها لا تجبر أحدا على اختيار نوع معين، فكل ما تقوم به هو عرض تلك الخيارات على الزبائن، غير نافية في ذات السياق أن إغراء الأنواع العصرية والعقدة يزيد في السعر ويرفع التكلفة.