قدّم المخرج والإعلامي محمد زاوي شهادة حيّة وعميقة عن ذاكرة النضال الجزائري ومقاومته للاستعمار الفرنسي وكذا بتمسكه بمبادئ الحرية والاستقلال في فيلمه الموسوم ب”العودة إلى مونلوك”، داعيا خلاله إلى الاهتمام بصفة اكبر بالذاكرة وإبراز تاريخ الجزائر وأبطال الثورة بكشف اللثام عن شخصيات كثيرة مناضلة توجد اليوم في طي النسيان من قبل السلطات والباحثين والدراسيين في الجزائر. دعا المخرج محمد زاوي على هامش عرض فيلمه ”العودة إلى مونلوك” الذي حضره جمهور غفير، أوّلأمس، بفضاء بلاصتي بمقر جريدة الجزائر نيوز، في إطار برنامجها الفني والثقافي الرمضاني الذي ينظم بالتنسيق مع بلدية الجزائر الوسطى، إلى ضرورة البحث عن الشخصيات التي قاومت الاستعمار ومنها المهجّرة والمحكوم عليها بالإعدام إبان سنوات الاحتلال، والتي لا تزال إلى غاية اليوم مجهولة وغير مهتم بها للتعريف بها والهدف هو حماية الذاكرة وإنصاف التاريخ الجزائري الذي يعاني من تشويه والزيف الذي مسّ بعض الحقائق، وهو ما أشار إليه أحد المتدخلين قائلا” يجب الاهتمام بالذاكرة حتى لا تعدم مرّتين”. وأكدّ محمد زاوي على ضرورة توزيع الفيلم في باقي مناطق الجزائر وبثه على مختلف القنوات التلفزيونية حتى تتم عند الجزائريين والأهم منه هو نشر الذاكرة والتعريف بها وبشخصيات النضال السياسي والثوري معا. من جهته أكدّ المناضل ورئيس جمعية المحكوم عليهم بالإعدام سابقا، مصطفى بودينة، على أنّ مجمل الأعمال الثورية التي أنتجت في إطار خمسينية الاستقلال لم يكن معضمها صادقا في نقل حقيقة ما جرى في الثورة وقال ”فيلم زبانة الذي صرف عليه حوالي 64 مليار، يحمل كثيرا من الأخطاء التاريخية وقدّم للجنة قراءة مكونة من 3 أعضاء مزدوجي الجنسية وهذا أمر مؤسف، كما تم تقديم أفلام أخرى صادقة رفضتها اللجنة وقبلت أخرى”، وأشار المتحدث إلى مواصلة النضال والكفاح باعتبار أن الثورة التحريرية لا تزال مستمرة على حدّ تعبيره من خلال مكافحة كل من يحاول تجاهل الهوية والتاريخ الجزائري ومبادئ الجزائر الشريفة. وفي السياق يروي الفيلم الوثائقي في 40 دقيقة قصة مصطفى بودينة مناضل جزائري محكوم عليه بالإعدام سابقا في سجن مونلوك بليون بفرنسا، من استعادة ذكرياته الأليمة في هذا السجن عن رفاقه الذين حكم عليهم بالإعدام من قبل السلطات الاستعمارية كونهم حملوا السلاح ضد المستعمر الفرنسي، حيث يتضمن مجموعة من الشهادات لرجال سياسة ومحامين مؤرخين ومعتقلين سابقين جزائريين وفرنسيين والذين عبرّوا عن أرائهم في يخص النظام الاستعماري الفرنسي ورفضه الاعتراف بحرب التحرير الوطني. وكذا لضربه عرض الحائط كل القوانين الإنسانية من خلال التعذيب البشع والإعدام. وفي هذا الفيلم يستذكر مصطفى بودينة الذي حكم عليه بالإعدام مرتين خلال ثورة التحرير ماضيه في السجن التجربة اللاانسانية التي عاشها فهو يرجع بالمشاهد سنوات إلى الوراء ليحكي له الخوف الدائم من ذلك الفجر الفاجع الذي يطرق فيه سجانه الباب ليقتاد المحكومين عليهم بالإعدام إلى المقصلة.