تعد المسطحات المائية خطرا حقيقيا على حياة الأطفال في ولاية المدية، حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع عدد الوفيات في البرك المائية والسدود والمستنقعات بشكل رهيب، ما يستدعي تكاثف الجهود للقضاء ولو جزئيا على هذه الظاهرة. ولمعرفة الأسباب الحقيقية لانتشار الظاهرة غصنا في أعماق المجتمع اللمداني، فأجمعت كل الآراء على رأي واحد هو غياب أماكن الترفيه والاستجمام وقلة المسابح العمومية، في وقت وصلت درجة الحرارة إلى حدود 50 درجة مئوية في بعض المناطق كالشهبونية وعين بوسيف وغيرها. تعد الأودية والسدود المتنفس الوحيد لشبان وأطفال المدية لافتقارهم لأماكن الترفيه والاستجمام، والتي تعد ضرورية، خاصة إذا علمنا أن المنطقة تشتهر بصيفها الحارق، حيث لا يتعدى فيها عدد المسابح الاثنين بمدينة المدية وقصر البخاري جنوبا، وهو رقم يبقى بعيدا عن تطلعات السكان نظرا لشساعة الولاية، إذ تحوي 64 بلدية بمسبحين فقط، مع العلم أن هذين الآخيرين ليسا في متناول الجميع بل هما من حظ القلة، حسب بعض الشباب في حديثهم معنا، ما يدفع أغلب الأطفال إلى مباغتة أوليائهم والتوجه إلى الأودية والسدود للسباحة وهروبا من حر الصيف. الأودية والسدود البديل الوحيد لشبان المدية انعدام مثل هذه المرافق جعل الكثيرين منهم يغيرون الوجهة نحو الأودية والسدود، معرضين أنفسهم لمخاطر جمة تكون نهايتها الموت غرقا، وهذا كان مصير العديد من شبان وأطفال فقدوا حياتهم وهم يبحثون عن متعة للاستجمام افتقدوها في مرافق آمنة، حيث تسجل مصالح الحماية المدنية في فترة الصيف والأيام التي تشهد ارتفاعا في درجة الحرارة العديد من الضحايا جلهم من البراعم، حيث هي في ارتفاع مستمر ولم تقتصر على جهة فقط بل شملت كل ربوع الولاية، ما جعل كل العائلات تدق ناقوس الخطر، مناشدين السلطات المعنية النظر في متطلبات هذه الشريحة من المجتمع بتوفير أماكن الترفيه والاستجمام والمسابح العمومية. وحسب الإحصائيات المقدمة من طرف مصالح الحماية المدنية، فإن كل مناطق المدية تعرف هذه الظاهرة ولم تقتصر على المناطق النائية فقط بل حتى وسط في المدينة. وحسب أولياء بعض الغرقى فإنهم مفجوعون في فلذات أكبادهم ولكن قلوبهم على براعم المدية، خاصة أن الأرقام المسجلة مؤخرا مخيفة جدا، فقد تم تسجيل أكثر من خمس حالات للغرق، ما جعل أغلب المواطنين يصرون على أخذ الموضوع على محمل الجد بتوفير السلطات المعنية سبل أنجع للتخفيف من الظاهرة، خاصة أن المدية تشتهر بطابعها الجبلي الخلاب، ما يجعلها رائدة في السياحة الجبلية، إلا أن السلطات الوصية لم تلتفت لهذا الموروث الطبيعي الذي يمكّن عاصمة التيطري من استقطاب كم هائل من هواة هذه السياحة، على غرار منطقة تيبحرين وطريق الشفة - المدية. مشاريع ترفيه.. حبر على ورق بالإضافة إلى منطقة الضاية الشهيرة ببحيرتها المعلقة، إلى جانب مناطق يمكن أن تكون قطبا سياحيا هاما لو توفرت الإرادة، حسب المختصين، إذ أكدوا أن الاستثمار في هذا القطاع سيمكن الولاية من تبوء مكانة رائدة في ظل وجود مناطق أقل ما يقال عنها جنة فوق الأرض، كجبال الحوضين ومنطقة العيساوية التي تعد منطقة عذراء تشتهر بمياهها الحموية والطبيعية، وأصبحت متنفسا لكل سكان منطقة تابلاط وللعديد من السكان الذين يقطنون بالمناطق المجاورة والعاصمة. لكن غياب أماكن للترفيه و الإستجمام ترك البلدية وهواة السياحة الجبلية بعيدين على الاستفادة من هذا الموروث الطبيعي. وعلى صعيد آخر، ورغم الثروة الغابية الهامة، إلا أن الولاية لا تتوفر على حدائق للترفيه والإستجمام رغم الحاجة الملحة لمثل هذه المرافق التي لا تكلف أموالا كبيرة بالنظر إلى أن المخزون الغابي من أشجار متنوعة ومناطق خلابة يبقى متوفرا، لكن غياب الإرادة المحلية حال دون ذلك. للعلم فمشروع حديقة بمنطقة الحوضان، أقصى شرق الولاية، يبقى حبرا على ورق، وهو المشروع الذين كان بإمكانه تنشيط الحركة السياحية بالولاية وكذا إضافة موارد للبلديات التابعة لها. وبين فقدان العديد من شبان وأطفال المدية وسط هذه الوديان والسدود في كل صائفة، يبقى على السلطات المعنية أخذ الموضوع على محمل الجد والاهتمام خلال توفير أماكن للترفيه والتسلية لتجنب التوجه إلى المسطحات المائية والموت فيها غرقا.