لم نفوّض ولن نفوّض لا أمريكا ولا غيرها لضرب سوريا والدول العربية تتحمل مسؤولية قراراتها ما ذنب الجامعة إذا كانت دول الخليج تنسق فيما بينها عكس البقية قرار الجزائر سيادي ومعبر عما تراه من منطلق مبادئها وثوابتها الجامعة فشلت في حل الأزمة السورية وتعنت الأسد أدى إلى عسكرة الثورة ينفي نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، السفير أحمد بن حلي أن تكون الجامعة فوضت أي جهة لتوجيه الضربة العسكرية لسوريا، كما يرى أن الحل في سوريا يجب أن يكون سياسيا وأن الحل العسكري يؤدي إلى تعميق الأزمة وتهديم سوريا فقط، كما اعترف بن حلي في هذا الحوار الذي جمعه ب”الفجر”، أن الجامعة فشلت بكل المقاييس في إيجاد حل في سوريا رغم كل ما بذلته من جهود بسبب تعنت الرئيس السوري، كما حمل النظام السوري مسؤولية ما حدث من مجازر وقال إنه في الأول والأخير يبقى الأسد مسؤولا عن حماية شعبه مسؤولية كاملة... مواقف الجزائر وموقف الجامعة مما يحدث في مصر ضمن النقاط التي تطرقت إليها ”الفجر” مع السفير بن حلي الذي خصص لها وقتا رغم زخم نشاطه هذه الأيام. بداية ووسط كل الأحداث المتسارعة التي نشهدها اليوم، هل يمكن القول بأن الجامعة العربية استسلمت فيما يتعلق بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، وأوقفت نشاطاتها في تحقيق تصالح بين الطرفين؟ يجب أن أؤكد على بعض المعطيات التي تمثل موقف الجامعة العربية، كانطلاقة لأي تحليل أو رد على الموضوع، نحن نعتقد في الجامعة العربية أن الحل السياسي لا يزال هو الطريق الأسلك والأنجع والوحيد لحل هذه الأزمة وأن أي تفكير في حل الأزمة أمنيا أو عسكريا خطأ في التحليل والرؤية وفي الاستراتيجية. لا المعارضة السورية قادرة على فرض حل عسكري ولا النظام الذي وصل لهذه المرحلة قادر على فرض الحل العسكري، ففي آخر المطاف لا نرى إلا أنه يجب دفع النظام والمعارضة إلى طاولة الحوار إذا كانوا يريدون فعلا إنقاذ سوريا من الهاوية التي مع الأسف تنزلق لها، والمأاساة التي تشهدها.. والحديث اليوم عن الضربة التي يخطط لها فنحن لا نتصور أنها تعالج الأزمة لكن ستساهم في تعقيدها وفي زيادة خطورتها وفي دفع سوريا والمنطقة إلى المجهول الذي نحذر منه. أما عن قولك أن الجامعة استسلمت للحل العسكري فالقراءة الدقيقة والصحيحة لبيان قرار الجامعة الأخير لا يعطي أي ضوء أخضر لأي طرف يدعو لضربة عسكرية.. الجامعة انطلاقا من المعطيات الموجودة عندها، وبعد المناقشات خاصة بعد وصول الأمر إلى استعمال السلاح الكيماوي بهذه الشراسة ضد المواطنين منهم أطفال ونساء وبهذا المنظر المؤذي الذي شاهدناه، رأت أن النظام يتحمل مسؤوليته الكاملة إزاء هذا الوضع، لأنه من المفروض حماية شعبه تحت كل الظروف. لكن لغاية اليوم لم يثبت أن النظام السوري استخدم الكيماوي مما قد يورط المعارضة في تلك المجزرة؟ صحيح أن اللجنة الدولية لتقصي الحقائق لم تعط بعد نتائجها، لكن النظام السوري يتحمل المسؤولية بالمطلق، لأنه هو المسؤول لحد الآن عن حماية وصيانة الشعب. المتتبعون لبيان الجامعة الأخير حول سوريا فهم منه أنه تفويض من الجامعة لأمريكا لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا؟ أولا نحن لم نفوض ولن نفوض لا أمريكا ولا غيرها، وكل قرار بشأن سوريا سيصدر عن وزراء الخارجية العرب أو سندعو لانعقاد قمة طارئة. وثانيا ووسط ما جرى من أحداث قام وزراء الخارجية العرب بإصدار قرار يطالبون فيه في الفقرة المفتاحية لهذا القرار، الأممالمتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات اللازمة والسريعة والعاجلة لمعاقبة الذين تسببوا في اقتراف هذه الجريمة النكراء المدانة، والتي استخدم فيها السلاح الكيماوي، بمعنى أن الجامعة العربية دفعت بالمسؤولية إلى الأممالمتحدة لتتخذ القرار وطبعا الذراع الأمني للأمم المتحدة المتمثل في مجلس الأمن هو الذي عليه أن يتخذ القرار، وفيه قرارات رادعة وعملية ممكن تدفع الفرقاء في سوريا إلى طاولة الحوار، من غير التدخل العسكري، وكانت 18 دولة عربية صوتت لهذا القرار، عدا الجزائر والعراق ولبنان، والقراءة السليمة للقرار لا تعطي الضوء للضربة العسكرية أبدا. الجامعة لا تفوض ولا تخول للضربة العسكرية، وإنما دفعت بالموضوع لمجلس الأمن لأنه هو الآن المظلة الأساسية والرئيسية والتي تملك الإمكانيات فيما فشلت فيه الجامعة العربية، وأقولها بصراحة الجامعة فشلت في معالجة هذه الأزمة رغم الجهود والإجراءات التي بذلتها، لكن كان هناك تعنت من قبل النظام السوري فلم يستجب لكل النداءات والمحاولات وبدون شك هذا أدى إلى تسليح المعارضة وعسكرة الأزمة ودخلت في مرحلة الخطورة التي تهدد سوريا كدولة وكبلد وكشعب. لماذا لم تهتم الجامعة بأن تبعث وفدا من عندها يحقق في استخدام الأسلحة الكيماوية، ولماذا الاعتماد على محققين من الغرب؟ لا يوجد شك بأن الأممالمتحدة لها إمكانيات وخبراء متميزون وأعتقد أن الجامعة العربية بحكم ميثاقها هي منظمة إقليمية تتعامل مع الأممالمتحدة وتلتزم بالشرعية الدولية، لذا كان فريق من الأممالمتحدة كافيا في الوقت الراهن، خاصة وأن قنوات الاتصال بين الجامعة العربية وبين النظام السوري مقطوعة باستثناء المبعوث المشترك وهو الواسطة الوحيدة، الأستاذ الاخضر الابراهيمي وهو القناة الوحيدة التي بواسطته تتعامل به الجامعة مع التظام. أصابع الاتهام توجه للجامعة اليوم بأنها ستكرر نفس الخطأ الذي دمر العراق، وكذا في دول الربيع العربي مثل ليبيا ويحمّلونها المسؤولية كاملة بخصوص الضربة العسكرية على سوريا؟ لا يوجد شك بأن تجربة العراق وتجربة ليبيا كانت تجارب سيئة جدا في المنطقة ولا أعتقد أنها ستكرر في سوريا بالطريقة أو بالأسلوب ذاته وحتى أولائك الذين يهددون بالضربة العسكرية يؤكدون أن ما جرى في ليبيا مغاير لما سيجري في سوريا، وأملنا ألا تتطور الأحداث في اتجاه لا يمكن التحكم فيه، وتقود سوريا إلى دولة فاشلة أو تفقد كل مقوماتها، لأن التمادي في العمل العسكري سواء من الحكومة أو المعارضة لن يؤدي إلا إلى مزيد من سقوط الضحايا والمشردين والنازحين ومزيد من الآلام، ومع الأسف هناك أجندات خارجية لا يهمها معالجة الأزمة السورية بقدر ما يهمها تحطيم سوريا عسكريا وتهديم مقوماتها وبنيتها التحتية وتراثها وشعبها، وهذا ما يؤلمنا. هناك مسؤولية وطنية على الحاكم تحتم عليه في وقت ما إنقاذ شعبه وبلده، وهذه المسؤولية غائبة اليوم في سوريا. على ذكرك الأجندات الأجنبية التي تعبث بأمن واستقرار سوريا، هذه نفس مبررات الرئيس السوري، فلماذا تلومونه وأنتم تقرون بهذه الأجندات، فالرجل يدافع عن بلده وشعبه بالطريقة التي يراها مناسبة؟ لكن على حساب من، على حساب ضحايا أكثر وتهديم بلده، ألم يكن بالإمكان إنهاء الأزمة في أولها، قبل أن تعسكر، ألم يكن بالإمكان اتخاذ خطوات عملية للاستجابة لمطالب الشعب كما جرى في بعض الدول العربية التي استجابت بطريقة سريعة وعملية إصلاح وعملية انتخابات حرة، لكن النظام السوري اتخذ طريقك إما أنا أو لا، وهذا ليس في صالح سوريا طبعا، وطبعا القضية قضية وقت بالنسبة للنظام السوري. أنا لا أحكم على النظام السوري، لكن اسألوا السوريين فيقولون لكم هذا. حين يكون للنظام 2 مليون نازح فأي قلب تملك لما ترى هذا المنظر وتقول مؤامرة كونية ودولية، مهما كانت مؤامرة فيجب التضحية، الرجال يصنعون التاريخ، يقفون وقفة تاريخية في وقت ما لإنقاذ شعوبهم حتى لو ضحى بنظامه وهيلمانه. في كل المرات السابقة التي تم استخدام الحل العسكري في بعض الدول العربية، لم تطلب الجامعة خارطة معينة لهذا التحرك، مع أنه بإمكانها هذا ونحن نرى الكونغرس يطلب ذلك وباقي الهيئات التي لها علاقة بالأمر، لماذا؟ أي تطورات بالنسبة لسوريا بمجرد حدوث أي شيء لا قدر الله الأمين العام سيدعو إلى اجتماع عاجل لوزراء الخارجية ولم لا على مستوى القمة، لاتخاذ قرار، فالجامعة لا تأخذ قرارا وإنما الدول العربية هي التي تأخذ القرار وتتحمل كل دولة مسؤولية قرارها، الموقف تتخذه الدول العربية الأعضاء في الجامعة وليس الأمانة، وهم سيطلبون خارطة أو يتغاضون عنها، وكل قرار سيكون بالإجماع لأن المسؤولية أخطر وأكبر من أن تتحملها الأمانة العامة للجامعة وليس من اختصاصها أخذ مثل هذه القرارات، وعلى ذكر الاجتماعات، الاجتماع حول سوريا مفتوح، والآن في أي وقت يستطيعون الاجتماع في خلال ساعات معدودة، كون القضية خطيرة. لغاية اليوم لم تعلنوا على مستوى الجامعة عن مصير جولات الابراهيمي، هل ستقف وتنتهي بفعل الضربة العسكرية، أم ستكون الضربة ”التأديبية” سببا رئيسيا في عودة قوية لمفاوضاته؟ مهمة المبعوث المشترك مازالت قائمة لأن الأزمة في آخر المطاف ستحل سياسيا، والكل حريص على أن يبقى في موقعه ويواصل هذه المهمة، وإذا فعلا قدر الله وتم إيجاد حل سلمي وسياسي كما هو مطلوب من خلال جنيف 2، مطلوب كذلك من المبعوث المشترك مساعدة سوريا في إعادة بنائها ومهمته مستمرة ومطلوبة ووجود الأممالمتحدة إلى جانب سوريا مهم في كل الأحوال. نحن لا نحبذ أن تكون هناك ضربة عسكرية لكن يهمنا بشكل فعال وعملي أن يكون هناك دفع للسوريين، حكومة ومعارضة، نحو طاولة الحوار ومفاوضات على إيجاد مخرج سلمي لهذه المعضلة. ألا ترى الجامعة أن الأزمة السورية عمّقت الخلافات بين الدول العربية أكثر مما كانت عليه في السابق؟ لا يوجد شك أن الأزمة السورية ألقت بظلالها على دول الجوار ولو عملنا قراءة للدول المجاورة لوجدنا أن لديها ترتيبات واضحة وفي نفس الوقت أيضا ليس هناك انسجام كامل بالنسبة للموقف العربي في التعامل مع هذه الأزمة على مستوى الجامعة العربية، رغم أننا نحاول الحفاظ على الحد الأدنى من التوافق. ما ردك على من يرى بأن أغلب مواقف الجامعة مرهونة أو أن الجامعة مضطرة لتبني مواقف دول الخليج، وأن تبرير هذا أقرب لفكرة الممول، أو لأنها عندها القدرة والاستعداد لدفع ثمن مواقفها؟ لابد أن نكون صرحاء وواضحين، هناك 22 دولة والآن 21 بعد تجميد نشاط سوريا، كل دولة لها نفس الحظوظ في الجامعة، وهناك دول تنشط وتتحرك وتبادر، وفي آخر المطاف القرار يتخذ إما بالتوافق أو التصويت، ولكل دولة لها موقف، فلا نتهم مجموعة معينة أو دولة معينة أنها تقود الجامعة، في آخر المطاف التصويت أو إبداء الرأي متروك للجميع، فإذا كانت دولة نشطة وتحاول فرض رؤيتها ومواقفها هذا من حقها، ولكن هل هو في مصلحة الجميع أو لا، فهذا تقييم ثان. لا نلوم إذا كانت دول الخليج نشطة ونسقت فيما بينها قبل أن تأتي إلى الجامعة، لماذا لا تنسق دول المغرب العربي ولماذا لا تنسق دول حوض النيل ويأتون بمواقف منسجمة. هذا تعامل في المنظمات الدولية هناك دول نشطة وأخرى لا. لكن في اعتقادي أن الكل مسؤول عن القرار حتى لو كانت المبادرة من دولة واحدة. فالنقد السلبي يدل على أنهم لا يعرفون الميكانيزمات والآليات التي تحكمها وفي بعض الأحيان يتهربون من مهاجمة دول معينة ويصبون نقدهم على الجامعة العربية، وهناك بعض المرتزقة المفكرين أو الإعلاميين عندما لا يجدون أي موضوع لمعالجته يهجمون علينا لأن رزقهم في هذا المقال. على ضوء ما يحدث وحسب تطورات الأحداث، هل سيكون هناك مؤتمر جنيف2؟ نأمل ذلك ومازالت الجامعة ترى أنه إذا كان هناك فرصة لحل الأزمة هي فرصة جنيف 2. بعض الدول العربية رفضت رفضا تاما الضربة العسكرية، على رأسهم الجزائر، أولا ما تأثير ذلك على قرارات الجامعة، ثم ما تعليقك على مواقف الجزائر خلال الأزمة السورية منذ بدئها؟ ليس من حقي أن أعلق على موقف الجزائر لأنه من يجب التحدث عن هذا الموقف هو وزير الخارجية أو مندوب الجزائر في الجامعة العربية، لكن كنائب للأمين العام للجامعة العربية، الجزائر قبل أن تتخذ موقفها تناقش وتحاور وتتحرك، وفي آخر المطاف تدلي بقرارها السياسي والسيادي، كما تعبر عنه وكما تراه من منطلق مبادئها وثوابتها. وهي دولة سيادية ومن حقها اتخاذ أي قرار يتلاءم مع ما تراه وليس من حقي التعليق على موقفها، لكن أتكلم بصفة عامة. ما يحدث في تونس وليبيا اليوم، وكذا إعلان تونس منطقة عسكرية بينها وبين الجزائر، كيف تتابع الجامعة هذه التطورات، وهل من إجراءات ستتخذ قريبا؟ أكيد أن ما يحدث في تونس وليبيا أمر مقلق بالنسبة للجامعة العربية، لكن الجامعة في مثل هذه الأمور، يجب أن تطرح هذه الإشكاليات على مستوى وزراء الخارجية وهم لم يطرحوا هذا، قد نناقش ذلك لاحقا. نعود لمصر، الجامعة العربية تأخرت في إعلان موقفها من ثورة يناير وعلى العكس في 30 يونيو بادرت بسرعة في إعلان تأييدها، قد نتفهم أن في الأولى كان المشهد مربكا، لكن هل المشهد في الحالة الثانية كان واضحا لدرجة أن الجامعة لم تتوان لحظة في إعلان تأييدها؟ الجامعة تسير على خيط رفيع عندما يكون هناك حدث ما في دولة عضو فيها لأنها ملتزمة في نفس الوقت بميثاق الجامعة الذي يقول أنه ليس من حق الجامعة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء، وفي نفس الوقت لها هامش التحرك مع دول معينة التي هي تعمل على أساس ما يحافظ على استقرار هذه الدول وسلامتها وما يتماشى مع الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي أصبح أحد الوثائق المرجعية للجامعة العربية، وهو أن على جميع الدول العربية أن تحترم حقوق الإنسان. وفي هذا الخصوص هناك مشروع لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان يمكن لأي مواطن عربي إذا لم يجد العدالة في بلده أو لم تنصفه يمكنه أن يلجأ إليها، وهو مشروع سيعرض على القمة المقبلة. ربما كان تحليل الأمين العام والأمانة بالنسبة للأوضاع في مصر في يناير أو يونيو مغايرا نوعا ما، ويمكن أن تكون الأحداث الثانية كانت السرعة لأنه كانت فيه أصوات خارجية وأطراف دولية تحاول التدخل بشكل سافل في مصر، وهنا الجامعة لعبت هذا الدور وتحاول أن تتقي الشر المحدق بهذه الدول، بالإضافة إلى أن الجامعة تعايش الواقع المصري وتتفاعل مع الأحداث، وعندما تصدر قرارا فهو مبني على أسس حقيقية وليس من خلال تقارير أتتها من الخارج، وربما كان موقفها مبنيا على معايشة يومية واحتكاكها بالشارع وما يعبر عنه.. الدعم العربي لمصر في هذه المرحلة تم بشكل فردي وخارج الجامعة، لماذا دائما المواقف العربية سواء كانت سلبية أو إيجابية تكون على هذا النحو، فهل معنى ذلك أن الدول العربية لديها قناعة بأنه لا يوجد كيان عربي موحد تتحرك فيه؟ لأن الموضوع لم يطرح على مستوى المندوبين أو وزراء الخارجية، فترك لكل دولة أن تأخذ ما تراه من المواقف بصفة فردية، وهذا يعود للدولة المعنية وهي مصر التي رأت أن ما يحدث قضية داخلية وتعالجها بالأسلوب الذي تراه، وكل دولة عبرت عن تضامنها بالشكل الذي تراه. مصر ترفع اليوم شعار الحرب على الإرهاب، ووارد أنها تحط جماعة الإخوان في قائمة المنظمات الإرهابية، فأين الجامعة العربية من كل هذا؟ الجامعة ملتزمة بالاتفاقية العربية لمحاربة الإرهاب التي تم إقرارها من خلال وزراء الداخلية العرب ووزراء العدل العرب في 1890 ولها بنود ولها معايير وأسس، وموضوع الإرهاب هو بند دائم على جدول الأعمال وزراء الخارجية باستمرار، ونحن مرتبطون في الجامعة بما هو منصوص في الاتفاقية العربية وما يقرر خلال اجتماعات وزراء الخارجية العرب وما يتخذ في اجتماع وزراء الداخلية والعدل العرب، لأن الموضوع له شقان أمني وعدلي. يعني وارد أن الجماعة قد تضاف لهذه القائمة؟ لا أستبق الأحداث، وكما قلت الاتفاقية والأسس والمعايير هي التي تحكم وليس موضوعا ما بعينه. في آخر انتخاب لمنصب الأمين العام للجامعة تمسكت مصر بحقها التاريخي في اختيار شخصية مصرية، لكن جرى اتفاق على أن تكون هذه الانتخابات هي المرة الأخيرة التي تحتكر فيها مصر منصب الأمين العام، فكيف تتوقع أن تسير الانتخابات القادمة؟ لم يتفق على موضوع الأمين العام وهذا الموضوع تقليد منذ تأسيسها، فأي دولة مقر للجامعة يكون الأمين العام منها، فلما كان مقر الجامعة في تونس كان الأمين العام تونسيا، لكن اليوم نحن في صدد تطوير الجامعة العربية وهناك أربع لجان تعمل على ذلك، فريق إعادة تعديل الميثاق برئاسة السعودية، فريق برئاسة مصر لدراسة المؤسسات الحالية التابعة للجامعة ومنظومتها، فريق دراسة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي وكيفية تطويره وفريق رابع برئاسة الجزائر يناقش البعد الشعبي الذي يمكن إدخاله في الجامعة حتى لا تبقى منظمة على المستوى الرسمي وإنما البعد الشعبي سواء فيما تعلق بالبرلمانات أو منظمات المجتمع المدني أو حقوق الإنسان. نحن الآن أمام مشروع كبير يدرس لإعداد ميثاق ورؤيا جديدة لتطوير الجامعة، وستعرض النتائج الأولية لهذا المشروع في القمة القادمة التي ستحتضنها الكويت. فكل هذه المواضيع بما فيها كيفية انتخاب الأمين العام. صحيح الجامعة تأخرت مقارنة بقريناتها المنظمات الأخرى سواء الإفريقية أو الاتحاد الأوروبي أو حتى الأممالمتحدة، لأن الجامعة تمت صياغة ميثاقها قبل ظهور الأممالمتحدة لكن كل التطورات ستطرح في القمة القادمة. ما تعليقك على الأصوات التي تنادي بحل الجامعة العربية وكذا على من يصفونها ب”الجامعة العبرية”؟ الجامعة العربية من حسن الحظ تم إنشاؤها في فترة كان هؤلاء الأجداد والآباء الأوائل يعرفون أن الدول العربية يحتاجون لبيت عربي يجتمعون فيه للعتاب والتعارف واللوم والتوافق، ولو لم تنشأئ الجامعة في عهدهم، لما استطعنا الآن إنشاءها. الجامعة مرت بفترات أصعب من هذا ومع ذلك لم تحل ولم يتم تجاوزها، ستبقى ولو بالحد الأدنى. نحن نعترف أن هذا لا يكفي ولا يتماشى مع طموح الدول العربية، لذلك نحن نسعى لأن تتطور الجامعة إن شاء الله. ربما تكون هذه التجارب المريرة دافعا لتطوير الجامعة وتغييرها، وهناك قول يتضمن ”العلة ليس في النصوص وإنما العلة في النفوس”.