”الجزائر تحبس أنفاسها والغموض سيد الموقف”، بهذه الجملة فقط يمكن وصف ما تشهده الساحة السياسة قبل أيام من استدعاء الهيئة الناخبة لأهم استحقاق يمكن أن تعرفه أي دولة، فما بالك بحال بلاد تشهد منذ أشهر على الأقل مخاضا عسيرا صنع جانبا منه تدهور الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة، وأكمل المشهد حالة التدافع بين القوى السياسية للتموقع، لكن الوجهة هذه المرة تبدو أكثر غموضا من كل سابقاتها وهو ما يبقي على حالة ”السوسبانس” إلى غاية اللحظة الأخيرة. لكن رجلا بعينه قد يحدث المفاجأة في آخر لحظة، فهو يعرف لعبة النظام جيدا، كما أنه أعاد ترتيب أوراقه في الشارع منذ انسحابه من مظلة النظام ورميه لقبعة القيادة الحزبية.. فهل يفعلها أويحيى؟ يفسر البعض حالة الغموض التي تكتنف المشهد السياسي إلى عدم إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة نيته في الترشح لعهدة رابعة من عدمها، وهو ما جعل العديد من الشخصيات التي لها وزن ثقيل في الساحة السياسية تلتزم الصمت رغم أنها تحاول السير ولو ببطء في مضمار السباق دون أن تلعب دور الأرنب. وفي هذا السياق ينتظر آخر أمين عام للأرندي والوزير الأول السابق أحمد أويحيى، والأمين العام السابق للأفالان عبد العزيز بلخادم هدية من الرئيس بوتفليقة للإعلان عن ترشحهما للرئاسيات المقبلة، فالأول سبق له وأن أكد عدة مرات، بأن له ”طموح سياسي”، حين قال إن ”تولي منصب الرئيس هو لخدمة الجزائر”، وأعاد تكرار مقولة بأن ”الرئاسة هي لقاء بين رجل وقدره” وذلك في مناسبات عديدة، مشيرا إلى أنه يرفض الترشح من أجل الترشح فقط، أو بهدف تمرير رسائل سياسية فقط، خلال الحملة الانتخابية، والاكتفاء بدور هامشي، بل يعتبر أويحيى أنه في حال دخل غمار المنافسة فسيكون من أجل الوصول إلى المرادية، ورغم ابتعاده عن الأضواء لمدة تقارب السنة، إلا أن ظهوره مؤخرا عبر البوابة الدبلوماسية وذلك كمبعوث للاتحاد الإفريقي لمراقبة الانتخابات في موريتانيا، أحيا الأمل لدى مناصريه بالرغم من أنهم يعرفون بأن رئاسيات 2014 ”لعبة مغلقة”، ومع ذلك فهم يراهنون على هدية مفاجئة يمكن أن يقدمها النظام لفارسهم في هذه المعركة. وما يعزز حظوظ أويحيى في معركة الرئاسيات في حال ساعدته الظروف على دخول معتركها، هو أن الرجل عرف كيف يضع نفسه في موقع قوة بالتوازي مع بداية العد التنازلي لرئاسيات 2014، وذلك بتحرره من جميع التزاماته الرسمية والحزبية، ودخوله فترة ”الصمت” و”الانزواء عن الأضواء”، بالشكل الذي يسمح له بالتحضير الجيد والهادئ لخوض غمار رئاسيات 2014. وعن مسألة ضيق الوقت للتحضير لهذا الموعد، قال أحد أبرز مقربيه ”إن لم يترشح بوتفليقة لرئاسيات 2014، فإن 15 يوما ستكون كافية لنا، لأن استقالة أويحيى من الأرندي وإقالته من الحكومة خلقت تعبئة شعبية لم نكن ننتظرها”.