لم يكن ينتظر وزير التربية الوطنية، عبد اللطيف بابا أحمد، أن تمر عليه السنة الأولى من تقلده قطاعا يضم قرابة 8.5 مليون تلميذ و600 ألف عامل كما حصل معه العام الماضي، بسبب الفضيحة التي حدثت في البكالوريا أكبر امتحان دراسي في الجزائر، والتي قضت في الأخير بمعاقبة التلاميذ الغشاشين بالإقصاء لمدة سنة عوض الخمس سنوات التي ينص عليها القانون. ولم تختلف سنة 2013 في قطاع التربية من حيث التحسن عن سابقيها، فبالرغم من استطاعة دكتور الكيمياء تقليص عدد الاحتجاجات في السنة الدراسية المنقضية وبداية السنة الحالية، إلا أن الاحتجاجات والاحتقان الذي يعيشه القطاع بسبب ”اختلالات” القانون الخاص ظلت متواصلة، فما أن يخمد احتجاج في سلك ما أو ولاية معينة حتى يشتعل فتيله في فئة عمالية أخرى وفي مدرسة جديدة، لتسارع إدارة عبد اللطيف بابا أحمد ككل مرة إلى تقديم وعود جديدة أغلبها لا ينفذ، واتخاذ قرارات مسكنة سرعان ما تظهر مضاعفاتها بعد مدة قليلة من الزمن، وهو ما ظهر مع الامتحانات المهنية التي وضعت لمعالجة قضية الترقية المتعلقة بالفئات التي أغفلها قانون 2012 المعدل. وإن كان وزير التربية استطاع العام الماضي أن يمتص احتجاجات التلاميذ المتعلقة بتحديد عتبة الدروس لمترشحي بكالوريا 2012-2013، إلا أنه ما فتئ أن انقلب السحر على الساحر بسبب كثافة المقرر الدراسي، والوعود الواهية التي قدمها سماسرة الدروس الخصوصية، بعد أن أقدم المئات من التلاميذ على تسجيل اجتيازهم لأكبر امتحان مصيري في الجزائر بمشاهد من الغش لا تحدث ربما - للأسف - إلا في مدارسنا، حينما لم يستطيعوا الإجابة عن أسئلة الفلسفة ففضلوا أسلوب الفوضى الذي تسير عليه أغلب قطاعات البلاد والغش عنوة، لكن المقابل كان معاقبة هؤلاء القصر بحرمانهم من النجاح في ذلك الامتحان والإقصاء لمدة سنة من اجتيازه. وكما كان متوقعا لم تمر هذه الفضيحة المدوية بردا وسلاما على بابا أحمد الذي اضطر إلى تأجيل برنامج ”إصلاحات الإصلاحات” الذي هلل له منذ تقلده، واضطر للسير فيه بخطى متعثرة بعد أن ألغى عقد الندوة الوطنية لتقييم الاصلاحات في شهر جويلية الماضي، والتي كانت ستأمر بإحداث تغييرات جذرية على المقرر الدراسي الحالي في محاولة لتفكيك الألغام التي تركتها الإصلاحات التي مررتها الحكومة بتمريرها لمقترحات لجنة بن زاغو رغم معارضة أهل الاختصاص. وربما الحسنة الوحيدة التي قد لا ينساها الجميع للوزارة في 2013 هو قرار إعلان الحرب على الدروس الخصوصية، والتلويح بسيف الحجاج في وجه سماسرة المتاجرين بمستقبل التلاميذ.