بممر قصر الثقافة لتبسة، أعطيت أمس الأول إشارة انطلاق الاحتفالات الرسمية بإحياء رأس السنة الأمازيغية الجديدة 2964، بحضور عدد من الفانين والمثقفين والجمعيات الثقافية المحلية وتلك القادمة من مختلف مناطق الوطن. والي الولاية الذي أشرف على إعطاء إشارة الانطلاق للتظاهرة، التي شهدت أيضا معارض للكتب والألبسة والفخار والأكلات التقليدية وكذا الحلي والصناعات التقليدية القادمة من مختلف مناطق الوطن، والتي تبرز تقاليد كل ولاية في إحياء هذا اليوم الذي يجمع ليس الجزائريين فقط ولكن أغلب شعوب شمال إفريقيا، إضافة إلى الورشات السمعية البصرية التي نشطها مختصون في السينما والتعليم الامازيغي استهدفت شبان وجمعيات تبسة. وعلى هامش إشرافه على حفل الافتتاح قال والي الولاية إن الاحتفال بيناير يعتبر تراثا مشتركا بين كل الجزائريين ويشكل عاملا من عوامل الوحدة الوطنية. كما اعتبر رئيس الرابطة الثقافية ابن خلدون، السيد توفيق عوني، أن حضور يناير في أوساط العائلات التبسية ليس غريبا لأنه جزء من تقليد راسخ فيها يستحضر سنويا. من جهته الأمين العام الجديد للمحافظة السامية للأمازيغية، الهاشمي عصاد، اعتبر أن إحياء يناير في تبسة فرصة للتذكير بالتاريخ العريق والثري لهذه المدينة من عهد الأمازيغ إلى يومنا هذا. كما اعتبر أن الاحتفالات التي ترسو اليوم في تسبة تعتبر أيضا فرصة للبحث عن الكفاءات العلمية التي تزخر بها ”تفيست” وتثمينها لتوفير السبل الكفيلة للأمازيغية حتى يتم إدراجها في مدارس تبسة. وذكّر عصاد بالجهود التي بذلتها المحافظة السامية للامازيغية من جل إعطاء اللغة والثقافة الامازيغية مكانتها التي تستحقها، واعتبر أيضا المتحدث أن الاحتفال بصفة علنية ورسمية اليوم في الجزائر هو حصيلة نضال نساء ورجال قدموا أحسن ما عندهم في سبيل الحفاظ على ثقافتهم وهويتهم. وأكد من جهة أخرى أن مسار ترسيم يناير في أجندة الأعياد الوطنية ودسترة الامازيغية كلغة رسمية وإدرادجها في منظومة الإعلام الوطني من شأنه أن يعزز عوامل الوحدة الوطنية. ويعتبر جزءا من النضال الذي يدخل مرحلة جديدة يعتبر فيها الرهان العلمي ضرورة ملحة. خلال حفل الافتتاح الذي نشطه الثلاثي صالح من غرداية وبلعيد تغراولة من العاصمة وسميحة من سوق أهراس وعكس تنوع وثراء الجزائر الثقافي واللغوي تألقت فيه فرقة ”ازلوان نمزاب” التي جاءت من بني يزقن، مسقط رأس شاعر الثورة مفدي زكريا. الفرقة قدمت وصلات طربية شدت الجمهور ليس فقط من ناحية الأداء، لكنها حملت من خلال كلمات الأغاني رسائل سياسية مشفرة موجهة لدعاة الصيد في المياه العكرة. وفندت ما تناقلته مؤخرا بعض وسائل الإعلام حول وجود أطراف تريد تدويل ما حدث مؤخرا في غرداية على أنه صراع طائفي بين العرب والأمازيغ. وأكد نجوم فرقة ازلوان نمزاب من خلال أدائهم أن ”الصحراء أرض الرجال، والجزائر واحدة موحدة” وأن يناير يشكل يوما للفرح يعبر من خلالها أبناء غرداية أنهم جزء من بلد كبير متنوع متعدد وثري اسمه الجزائر. ضمن أجندة الحفل أيضا ألقى الباحث مولود لوناوسي، كلمة أكد فيها على أهمية إعطاء الامازيغية ما تستحقه من اهتمام وعدم إشعار الجزائريين، أن هناك مواطنين و”مواطنين فوق العادة”، وهذا من أجل تكريس الوحدة والثراء الثقافي في المجموعة الوطنية. كما تم عرض شريط وثائقي لحمزة ولد محند، يختصر تاريخ تنظيم تظاهرة يناير من طرف المحافظة عبر الوطن على امتداد 15 سنة. ختام حفل افتتاح رأس السنة الامازيغية كان شعرا بصوت الشاعر بشير عجرود، الذي أبدع في الجمع بين الكلمة العربية والشاوية في قصيدة ”يوغورث”. كما أبدعت فرقة الراب المحلية لتبسة في تقديم أغان تركت استحسانا لدى الجمهور الحاضر تشيد بالتراث والتاريخ الأمازيغي العريق لهذه الأرض. فيما عاد الفنان العاصمي حميدو بالحاضرين إلى الأغاني التي طبعت طفولته، أداها بالقبائلية ورافقه في الختام صوت بلعيد تغراولة، الذي جال بين التنشيط واستحضار أغاني الرائع إيدير.