التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: (تابع الطلاق) .. ولهذا فقد شعرت الأمم الغربيَّة على ممر الأزمان بأن أحكام الكنيسة تطالب الناس بالكمال المطلق بدون مراعاة حاجاتهم وضروراتهم (فعقدة الزواج عندهم كما ذكرنا فيما سبق لا تنحلُّ إلا بالموت). وكان هذا الشعور من بواعث حركة النفوس إلى التخلُّص من رقَّة تلك الأحكام، فنزع الغربيون إلى وضع القوانين على حسب مصالح حياتهم وما تقتضيه الحاجات. ولقد اشتد هذا الشعور في الناس حتى اضطرت الكنيسة نفسها لأن تخضع لمطالبه، وموافاة رغائب الكافة،وحملها الشحُّ بمكانتها أن تسقط على تقرير أحكام في أحوال سمتها”أحوال بطلان الزواج”، ورتبت على ذلك البطلان أحكاماً لا تختلف في آثارها عن أحكام الطلاق؛ فقبلت فسخ الزواج إذا أثبت أحد الزوجين أنه لم يكن عند الزواج مطلق الاختيار، أو أنه أخطأ في معرفة الآخر، أو إذا ادعَّى أحد الزوجين أن الآخر لا يستطيع القيام بحقوق الزوجية، وأخذت تتوسع في تأويل الحالة الثانية إلى درجة متناهية حتى أدخلت فيها كل شيء. وفي الحالة الأخيرة قد تكتفي بأن يتَّفق الزوجان على أن يدعي أحدهما أن الآخر لم يقم أو لم يعد في إمكانه أن يقوم بأوَّل واجب يوجبه الزواج لينالا بطلانه؛ محتجة بأن الإخلال بهذا الحق لا تمكن معرفته إلا من قِبَلِ الزوجين؛ فقولهما هو الدليل الذي يصح التعويل عليه. إلا َّ أن هذا التساهل لم يف بحاجات الأمم في هذا الباب، فبعد أن قنعت به مدَّة من الزمان انبعثت مرَّة أخرى إلى المطالبة بتقرير أحكام كافلة للراحة، خصوصاً أنها قد رأت أن هذه الأسباب التي قرَّرتها الكنيسة لبطلان الزواج تغلب فيها الحيلة وقلَّ ما تتفق فيها الحقيقة، وأن قيام شريعة على قوائم من الحيل مما لا ترضاه النفوس المهذَّبة والأذواق السليمة. ومن أجل ذلك اضطرت الحكومات إلى تقرير الطلاق والتصريح بجوازه على شروط بيَّنتها، وأوسعت له محلاً من قوانينها. .. يتبع