أين هو صمام الأمان؟ لماذا لم ينزل إلى غرداية ليطفئ نار الفتنة، ولم لا يذهب إلى “الشاوية” ليطيب خاطرهم ويهدئ شبابهم ويمحو أثر ما فعله مدير حملته، ليضع حدا لهذه المهازل التي تقترف يوميا باسمه؟! أين هو ليظهر ويفض هذا اللغط، وإلا فإنه هو وحده من يتحمل مسؤولية ما يفعله محيطه باسمه، ومن أجله؟ فالبلاد لم تقف قبل اليوم على حافة جرف، مثل اليوم. لأن بعد 15 سنة من حكم بوتفليقة، لم يلتئم جرح الجزائر، ولم ننجح في بناء دولة مؤسسات وقوانين. ويكفي دليلا على ذلك نوعية الرجال المحيطين والمتكلمين باسمه. كثرة المتحدثين باسم الرئيس المترشح، لا تنذر بخير، فليست صورته التي شوهت جراء هذه التصريحات اللامسؤولة، وإنما وحدة البلاد كلها في خطر، والمسؤول الأول عما يلحق البلاد سيكون بوتفليقة نفسه، ليس لأنه أحاط نفسه بمثل عمارة بن يونس ومن شابهه، وإنما لانسحابه من الواجهة وتركه البلاد عرضة لكل من هب ودب. لأعد إلى خطاب المقاطعة، الذي يرفعه البعض كحل للأزمة التي تمر بها البلاد، شخصيا لا أراه ناجعا، فالمقاطعة لن تخدم سوى دعاة العهدة الرابعة، فهم سيستغلون الفراغ، ويحركون الإدارة للتصويت بدل المقاطعين، وسيكون الفائز كالعادة من بيده الداخلية والأمن والعدالة والمجلس الدستوري، لكن المشاركة والتجنيد لمراقبة الانتخابات سيفوت عليهم الفرصة. ثم إنه بعد الإساءة التي تعرض لها أهل الشرق لا أعتقد أن يسجل مرشح “سلال” حضورا في هذه المناطق وأية نتيجة عكس ذلك ستفضح تورط الإدارة فيها، فلا ننسى أن أكبر نسبة من الوعاء الانتخابي في الجزائر هي في هذه المناطق التي ما زالت منضبطة وتنتخب تحت كل الظروف. وقد يكون الشعور بخطر خسارة ناخبي الشرق هو ما جعل السلطة توفد وزير الداخلية وقائد الدرك، والوزير الأول بالنيابة ابن الأوراس إلى باتنة في محاولة يائسة لترميم الشرخ. وليس فقط الرئيس المترشح الذي سيخسر الشرق الكبير، وإنما الانتخابات نفسها التي ستخسر مصداقيتها إن قاطعها سكان الشرق، ولن ينفع الإدارة هذه المرة ملء الصناديق من طرف الناخب المجهول الذي عودتنا عليه، لأنها إن فعلت ستطرح النار بحق ليس في الصناديق وإنما في البلاد. اللعبة إذن مفتوحة على كل المخاطر، وحذار من “الثور” الجريح، فقد يدوس في طريقه كل شيء، فالمشاكل الاجتماعية التي يعانيها الشباب من بطالة وانسداد أفق، ضف إلى ذلك فتنة الجهوية التي استفحلت في البلاد السنوات القليلة الماضية، إضافة إلى طوفان الفساد الذي غرقت فيه البلاد، كلها أسباب سريعة الالتهاب، وإن فك العقال، فلن يكون هناك عاقل ولا حكيم يمكنه أن يعيد الجني إلى قنينته. مسؤولية أمن البلاد الآن أكبر من رئيس مترشح غائب، وأكبر من مدير حملة مستهتر، وأكبر من أزمة غرداية ولا كرامة الشاوية الجريحة، فلنعتبر؟!