كنت أعتقد أن الوزير الأول السابق ومدير حملة الرئيس المرشح أكثر نضجا، وأبعد الناس عن العنصرية والجهوية، لأنه عاش في كل جهات الوطن كمسؤول وتبناه سكان المدن التي عاش وعمل فيها بعيدا عن النعرات القبلية والجهوية. لكنه أمس، أظهر الرجل وجها آخر، وجه لم نألفه فيه عندما نطق كفرا، وهو يدشن حملة الرئيس بشتم الشاوية، عندما قال إنهم في قسنطينة يقولون “شاوي حاشا رزق ربي”. سلال الذي يرتدي قبعتين متناقضتين، قبعة مدير لجنة تحضير الانتخابات وقبعة مدير حملة الرئيس المرشح، تهجم في كلامه على سكان مناطق شاسعة من الوطن، الشاوية الذين يعود إليهم الفضل في تفجير الثورة، وتحرير البلاد. وفهم الجميع أن مدير حملة الرئيس المرشح يقصد بهذه الإهانة مرشحا آخر، بل مرشحين آخرين، هما بن فليس، وبلعيد عبد العزيز. ليست مجرد زلة لسان، هذه التي تفوه بها سلال الذي كثرت أخطاؤه في حق المواطنين، وإنما دعوة صريحة لإضرام نار الفتنة في مناطق الشرق، باستعماله هذه الألفاظ العنصرية التي لن تمر مرور الكرام، ومن يدري قد تكون سببا لفتنة لا تقل إيلاما للبلاد عن الفتنة التي تلهب الآن غرداية، ولم تقو حكومة سلال المنهمكة في تحضير حملة سيده الرئيس في إخماد نارها. ليس كلاما مسؤولا هذا الذي قاله الرجل، الذي أظهر مدى حقده وكرهه لشرائح واسعة من سكان الجزائر، وليس بهذه الإساءة سيكسب ود جماعة الرئيس، الذي يؤكد محيطه أنه لا يثق فيه، وسبق وصرح بذلك سعداني. وماذا لو اتخذ الشاوية موقفا ضد الرجل وعبروا عن غضبهم بمسيرة على العاصمة، أو قاطعوا كلهم الانتخابات بسبب هذه الإساءة، من مسؤول في حجم وزير أول؟ هل هناك قدرة في السلطة قادرة على لجم الشاوية إن غضبوا؟ ألم يستح سلال، ولم يول اعتبارا للرئيس زروال، الرجل المتسامح، الرجل الكبير الذي لم يغره المنصب وتنازل عنه طواعية وقاد البلاد في أحلك الظروف؟! ماذا لو رد الشاوية الإساءة بإساءة في حق القبائل، أو في حق من يدافع عنهم سلال؟ هل سيرضى بذلك؟ إساءة سلال في حق الشاوية لا تضاهيها إلا إساءة أخرى، لعمارة بن يونس، الذي شتم كل من ليسوا مع العهدة الرابعة وبوتفليقة. يبدو أن رجال بوتفليقة لم يعد لديهم ما يقنعون به الناس، لا برنامج، ولا رئيس قادر حاضر يحتمون به، إلا الشتائم التي دشنوا بها حملتهم في حق المواطنين. وهي دليل على إفلاس هؤلاء وعلى تدني مستواهم السياسي والأخلاقي على السواء. عهد بوتفليقة انتهى، فاز أم لم يفز في الرئاسيات. والشاوية ما زالوا قوة في البلاد، ولا أظن أنهم سينسوا هذه الإساءة أو سيسكتون عنها. فهم لم ينسوا ما قاله قبل الرئيس بوتفليقة “شاوي وطاح في المقروط”، مع أن القول في الأصل هو لمدح شجاعة الشاوية إبان الثورة “شاوي وطاح في البارود”!!