مرت الانتخابات الرئاسية بفوز الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، لكن دعوة شخصيات وطنية وقيادات المعارضة إلى ضرورة التحضير لآليات الانتقال الديمقراطي باتجاه مرحلة انتقالية لازالت قائمة في صلب النقاشات السياسية الموازية لخط السلطة التي تحاول حصر مطالب المعارضة في إشراكها في التحضير لمسودة تعديل الدستور بعيدا عن نداءات ”إخراج الجزائر من الأزمة”. تتمسك جبهة المعارضة وتشكيلات حزبية وشخصيات سياسية كانت إلى وقت قريب في الحكومة، بالمضي قدما في عقد لقاءات وطنية تستقطب كافة الأطياف، للضغط على السلطة بإجلاسها على طاولة واحدة لفتح حوار وطني شامل، لكن تصريحات وزراء في الحكومة، أول أمس، تظهر استجابة ”شكلية” لنداءات هؤلاء السياسيين تختزل مطالبها في تعديل الدستور، حيث صرح وزير النقل عمار غول، بأن مسألة تعديله تستدعي ”مساهمة الجميع لتكريس الديمقراطية” وفق قوله، الأمر الذي يثير مخاوف المعارضة من تكرار سيناريو 2008، والإصلاحات الوطنية المعلن عنها في أفريل 2011 التي استبعدت منها تعديلات جوهرية. ورفض رئيس حركة النهضة، محمد ذويبي، في اتصال مع ”الفجر”، حصر مطلبهم في تعديل الدستور، وأشار إلى الاتفاق على التحضير لعقد ندوة وطنية لإرساء مسار سياسي للانتقال الديمقراطي يتوج بأرضية ستوزع على مختلف الشخصيات الوطنية لإعطاء رأيها، وبعد ذلك يتم الانتقال إلى المشاركة في تعديل في الدستور وتعديل القوانين، وهنا يشترط ”ضمانات من طرف السلطة حتى لا تتعرض لإفراغها من محتواها كما حدث عام 2011”. في المقابل، عقد حزب جبهة القوى الاشتراكية هو الآخر، لقاءات مع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين من أجل التحضير لعقد ”ندوة الإجماع” التي من شأنها المساهمة في إيجاد منفذ وحل سلمي وديمقراطي للأزمة العالقة بالبلاد. كما أطلقت عدة شخصيات وطنية مبادرات مماثلة لجعل مرحلة الخمس سنوات المقبلة ”عهدة انتقالية”، حيث شدد الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، الذي أطلق مبادرة سياسية تتضمن تشكيل هيئة وطنية للحكماء، في تصريح ل”الفجر”، على مصطلح ”عهدة انتقالية” بدل مرحلة انتقالية، وقال إن ”الظروف الحالية تستوجب هذه العهدة إلى غاية 2019، ليتم بموجبها تعديل الدستور، وأن البرامج السياسية والنقابية والمجتمعية، تحول البلاد إلى ورشة كبيرة تمهيدا للتحول الديمقراطي”، داعيا إلى لم شمل السياسيين الذين أعلنوا عن مبادرات بالجملة، وكشف أنه ”لما كثرت المبادرات هنا وهناك، دعوت إلى جمع أصحابها بعد أن كان خطابها عبر وسائل الإعلام”، أنه يجب أن تنتقل إلى الجلوس على طاولة واحدة لفتح نقاش وطني، يضيف سلطاني.