دخلت ثلاثة أعمال سينمائية تمثل موريتانيا والمغرب وتونس، أول، أمس، بقاعة الموقار، المنافسة الرسمية لمهرجان الجزائر الثاني للسينما المغاربية في فئة الأفلام القصيرة، حيث لم تخرج عن إطار هموم ومشاكل الشباب المغاربي الذي يبحث عن الحرقة لبدء حياة جديدة بعد تفشي البطالة في بلاده. ”نحو حياة جديدة”: أمل الهجرة يتحول إلى كابوس يعالج المخرج المغربي عبد اللطيف أمجكاك في فيلمه ”نحو حياة جديدة” حياة أطفال المغرب العربي بصفة عامة وفي بلده بشكل خاص من خلال الولد سعد الذي فقد والدته ثم قرر الالتحاق بأخيه هشام إلى الضفة الأخرى من البحر عبر الهجرة السرية، ولكنه لم يتمكن ذلك. يصور الفيلم مشاهد مأساة طفل مغربي اسمه ”سعد” يسعى سريا للهجرة إلى اسبانيا لتحقيق أحلامه بعد أن ضاعت في بلده، وبرزت كأمل ظهر من نور عينيه، وعفويته في اللعب بأشكال رسمها له فنان كان ضمن مجموعة من المهاجريين غير الشرعيين، وبإيعاز من مهاجرة كذلك، فشكل في حوض بلاستيكي صغير حلمه في الوصول إلى الجهة الأخرى من البحر، وصنع من رسالة أخيه زورقا لينقل هاجسه إليه إلا أن الولد نام بعمق بينما الجميع خرج إلى البحر. يصطدم الولد مرة ثانية لما يقرر العودة، فقد رحل الجميع وسقط الحلم في الماء، وفي طريق العودة يتفا جئ بموت الرسام والشابة، إذ قذفهما باطن الموج في مشهد قاس. ”النهاية”: لا شيء سوى اليأس صورت المخرجة الموريتانية مي مصطفى عبر فيلمها ”النهاية” معاني الغموض إلى حد الجهل في ما نواجهه في حياتنا، وقد تمضي كل الحياة دون أن نستوعبها أو نحدد شكلها وحتى مضمونها، لذلك نجدها قد كتبت النص بالرسم ثم تصوير مشاهده في أشكال قريبة من الظل، خطوطها من نسج الخيال. وفيلم ”النهاية” الذي مدته 6 دقائق يوحي بالموت، إذ يصل العمل في الأخير إلى مشهد يوحي بالانتحار بعد أن قدمت المخرجة شخصية مبهمة تواجه ظروفا مبهمة وكأنه لا يقوى على التعبير لينتهي إلى نقطة اليأس والازدراء ثم يقرر قتل نفسه، واستخدمت مي مصطفى التجسيد الخيالي للأشياء بعيدا عن أدوات ملموسة مستغنية عن الألوان، واستعان العمل على موسيقى التشويق. يبدو الفيلم مفعما بالأفكار الفلسفية، حاولت المخرجة أن تثيرها عبر شخصية ما لا تخضع لأي شكل أو لون ولا كلام، حركات وإيماءات تدفع المتلقي للتفكير في الصورة. ”رغبات”: البطالة تحاصر شباب تونس يتطرق المخرج التونسي سمير حرباوي من خلال فيلمه القصير ”رغبات”، الى الواقع المأسوي للشباب البطال في تونس، عبر شخصية لسعد، في هذا الفيلم الذي قدم أول، أمس، بقاعة الموقار، للجمهور الجزائري في عرضه الشرفي الأولّ. لسعد شاب مثقف، خريج الجامعة التونسية، لكن يعيش حياة قاسية سببها البطالة التي أرقته، بعد أن بحث كثيرا في كل مكان لتلبية رغباته وتحقيق أحلامه المشروعة غير أنّه يردّ خائبا في كل مرّة، حتى يصل في بعض الأحيان إلى هوان كرامته، وهي صور تعكس شقاءه ومعاناته، حتى الفتاة التي كان يرغب بها فلتت منه لذات السبب، كما وصف العديد من مشاهد الهوان التي يتعرض لها لسعد ولعل أقساها مشهد عامل النظافة الذي منحه سيجارة. واستعان المخرج بمشاهد مقربة من وجه لسعد العابس والحزين، وحوار مقتضب، فالموضوع لم يحتمل الكثير من الغوغاء بل احتاج لمشاهد صارخة بالواقع المرّ الذي يحياه لسعد من شأنها دعم تعرية الراهن التونسي الصعب. وفي النهاية يقرر سعد الرحيل بعيدا عن مدينته التي اكتوى بنار بيروقراطية إداراتها، تاركا رسالة وداع لصديقه وزوجته.