لا أعرف ما الذي كان ينتظره حكم مباراة النصر والفتح في دوري عبد اللطيف جميل لكرة القدم؟! لقد أعادنا البولندي الرائع أدريان ميرزيفسكي للزمن الجميل بأدائه الباهر.. ذكرنا بنجوم كبار من الأجانب الذين لعبوا للنصر، خاصة في الوسط الهجومي، أمثال: زميجاني وموسى صائب، بل إن العرض الذي قدمه أدريان في مباراة الفتح كان أجمل أداء للاعب غير سعودي في السنوات الثلاث الأخيرة. تعرض أدريان للعنف كثيرا، لكن لعبة خطرة، بل قاتلة، في الشوط الثاني من لاعب الفتح عندما رفع قدمه في وجه أدريان؛ كانت كفيلة بإنهاء مشواره الكروي، وجاء قرار الحكم صادما، حيث رفع البطاقة الصفراء، ما يدل على أنه شاهد الإيذاء أو الضربة التي كان من الممكن أن تنهي حياة أدريان الرياضية، ومع ذلك لم يمنح إلا البطاقة الصفراء، فماذا كان ينتظر أكثر من ذلك؟! رفع لاعب الفتح قدمه بكل تهور، واستحق البطاقة الحمراء. وكانت لعبة الزوري المماثلة في مباراة الهلال والأهلي سُلطت عليها الأضواء كثيرا، وهوجم الحكم بسببها، مع أن ضربة الزوري كانت أخف وطأة، وإن كان يستحق هو الآخر البطاقة الحمراء، أما ضربة لاعب الفتح فقد كانت مرعبة وأخطر بكثير. المسألة تكمن في سوء التقدير، ويستغرب المتابع كيف يتجاوز بعض حكامنا عن مثل هذه الألعاب الخطرة؟! ولماذا يتهاونون؟! ولماذا يريدون أن يقتل الإبداع في وقت تعاني فيه الملاعب السعودية ندرة اللاعبين المبدعين في السنوات الأخيرة؟ بمناسبة الحديث عن إبداعات النجم البولندي في مباراة فريقه الأخيرة، أقول الحمد لله أن ناديا سعوديا وُفّق أخيرا في تقديم لاعب أجنبي... مكسب. لاعب أعادنا سنوات للوراء... للدفعة الأولى من اللاعبين الأجانب الذين كانوا أفضل من السعوديين، فكانت الاستفادة. أما في السنوات الأخيرة فعانت الأندية السعودية الحمل الثقيل، وكثرت ”المقالب”، وتكرر الفشل، ولم يعد أمرا غير عادي، وتعرضت كل الأندية السعودية بلا استثناء للفشل مع اختلاف في نسبة التضرر والفشل. وفي ظني أن نجم الهلال نيفيز كان الوحيد الذي يشار إليه بالبنان ويستحق أن يكون في الطليعة ومع نجوم الصفوة من الجيل الأول، علما بأن نيفيز لم يظهر بمستوى لافت كما كان من قبل. ليس مقبولا أن يكون اللاعب الأجنبي في مستوى السعودي، لا سيما أنه يكلف الكثير من الأموال، ويفترض أن يقدم ما يشفع له بأن يكون نموذجا فنيا يحتذى به. الصحافة البولندية احتفت بلاعب النصر، وأشادت بإبداع ”السفاح”، وهو لقب ذكرني بسفاح الأهلي فيكتور، الذي كان لاعبا جيدا لكن لموسم واحد فقط. ويا لهذا الحظ. إنه القدر بغض النظر عن مسألة الإمكانيات، فقد قرأت أن أنصار فريق غاز ميتان الروماني يشعرون بالغضب من إدارة النادي لأنها فرطت بلاعبين جيدين، في مقدمتهم إيريك أوليفيرا، الذي انتقل للأهلي، وتعرض للإصابة، وكانت خسارة كبيرة، ولم يكتب له أن يكون ضالة الأهلي. نجاح أو فشل اللاعب غير السعودي لا يرتبط بالكفاءة فقط، وهناك عوامل تلعب دورا في التوفيق، وهذه مسألة مفهومة، لكن الخلل يتمثل في أن الأندية السعودية تستقطب لاعبين غير مؤهلين أصلا.. ولا علاقة لفشلهم بالتأقلم أو الجانب النفسي أو المشاكل الأسرية. فرق بين أن تجلب لاعبا ممتازا لم يكتب له النجاح، وبين لاعب ”غشيم” قد لا يفلح حتى في ملاعب الحواري.