يعجبني جدا اللاعب المقاتل، لا سيما إن كان من فئة المبدعين، أي من صفوة اللاعبين، ولا شك في أن نجم فريق الهلال لكرة القدم ناصر الشمراني أحد النماذج الممتازة من الذين ترتفع درجة أدائهم بارتفاع معدل الجانب النفسي تحديدا. من يقاتل في الملعب هو من يمتلك تميزا في الجانب النفسي، وهذا التميز ينطلق من عامل وراثي وآخر مصنوع. المقاتل لاعب يعوض النقص الفني أو العيب الفني من خلال الروح القتالية، وأظن أن رأس حربة الهلال والمنتخب السعودي لكرة القدم يعد من الأوراق الرابحة التي يضمن المتابع تفوقها وقت الجد انتظارا لتفعيل وتشغيل الطاقة النفسية. في مباراة الذهاب بالرياض بين الهلال السعودي والعين الإماراتي في نصف نهائي الدوري الآسيوي، وعلى عكس المتوقع، بدا الهلال متحفظا وربما مهزوزا، في حين كانت شخصية الفريق الضيف أقوى، وإن لم يتمكن من التسجيل، عزل الشمراني فلم يشاهد ولم يفعل الوسط شيئا باستثناء تألق على فترات للفنان سلمان الفرج، ولو لم ينجح المحور الدفاعي السعودي في محاصرة نجم نجوم الكرة العربية، في الوقت الراهن، عموري، لتعرض الهلال لموقف محرج. في الدقيقة الأخيرة من الشوط الأول وفي الوقت ”بدل الضائع” خرج الشمراني من القمقم، وفوجئت الجماهير بوجوده عندما انفرد وارتطمت الكرة بالقائم. كان الأزرق بحاجة للانتفاضة.. للهدف.. لفعل أي شيء يؤكد أنه لا يقل شيئا عن منافسه الخطير، بل يطمع فيما هو أكبر. كانت الخشية أن يؤثر ضياع الفرصة الثمينة على الهلال عطفا على المقولة الشهيرة ”من يفرط في فرصة يعرض مرماه للأهداف”، لكن البطل ناصر حالة أخرى، نجم استثنائي.. انتفض وتحول مع فريقه إلى بركان لم يخمد إلا بعد أن رفعت غلة الأهداف إلى غير المتوقع من أقرب المتفائلين. بعد تعادل الشوط الأول السلبي قاد ناصر الشمراني فريقه في الحصة الثانية بهدفين ثم حضر ”الحاضر الغائب” نيفيز وسجل الثالث، وكان انتصارا هلاليا من النوع الفاخر.. انتصار ذكرنا بهلال الأجيال الماضية التي سبق لها أن فازت بكأس آسيا. العجيب أن الهلال كان في الشوط الأول في الخلف، لم يتقدم ظهيراه، وتحفظ محورا الدفاع ولم يتقدما للأمام، وتاه العابد في الوسط الأيمن، ووقع نيفيز في كماشة أحمد برمان ويونغ، ووقع الشمراني في الأسر.. غياب هلالي مستغرب، لكن كانت للمدرب الهلالي ريجيكامب كلمة أخرى مع مطلع الشوط الثاني.. من ناموا في الشوط الأول استيقظوا.. فجروا كل الطاقة وظهر الهلال من العمق والأطراف، وكانت لحظة التحول حين ”تجمد” عملاق دفاع العين، إسماعيل أحمد، فتجاوزه ناصر وسجل الهدف الأول الذي أبكى العين وأسعد الهلاليين. مدافع العين إسماعيل من الطراز القوي الشماس المقاتل، مدافع يجيد التسجيل أيضا، وقد سجل هدفا جميلا في مرمى الاتحاد، لكن المفاجأة وقعت، فقد باغته ناصر.. وصدمة تكسر الخاطر لأنها غلطة شاطر. فوز الهلال الكبير ذكرنا بالماضي الجميل.. ألف مبروك.