المجاهد علي بدوحان: "فرنسا ستعترف بجرائمها في الجزائر لتحقيق مصالحها الاقتصادية" أرزقي فراد : "السلطة لن تجرّم المستعمر مادامت تملك برلمانا شكليا " تعود الذكرى ال60 لاندلاع الثورة التحريرية في الفاتح نوفمبر 1954، مع ستة عقود ”مثقلة” بملفات الماضي الاستعماري الفرنسي الأليم للجزائر، دون أن تعرف مسائل التاريخ واسترجاع الأرشيف ”انفراجا”، حتى لا نقول مطلب تجريم الاستعمار الذي قبر في المهد، الأمر الذي يعكس رغبة البلدين في تجاوز هذه المرحلة بالتركيز على ملفات الحاضر والمستقبل التي تتمحور حول الاقتصاد والأمن. تغرق ككل مناسبة تاريخية، الجزائر في المهرجانات الفولكلورية مكلفة خزينة الدولة الملايير، إذا استندنا إلى تصريح وزير المجاهدين الطيب زيتوني، الذي قال إن ”الاحتفالات ستكون شعبية بالدرجة الأولى”، دون أن تتجه السلطة إلى معالجة ملفات سياسية وتاريخية هامة ليست مطروحة في أجندة الجانبين الفرنسي والجزائري رغم الزيارات المتبادلة والمزايا الاقتصادية التي تحوز عليها باريس في السوق الوطنية باحتلالها المراتب الأولى في عدد الشركات المستثمرة في مختلف القطاعات ومن حيث صادراتها إلى البلاد، مقابل اهتمام باريس في تعاونها وعلاقتها مع الجزائر، بالقضايا الأمنية في دول الجوار سواء بمالي أو ليبيا وتونس، لإعادة استتباب الأمن الذي يضر تدهوره بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة الغنية بالثروات الطاقوية. وفي غمرة تفضيل البلدين المضي قدما وفق قاعدة ”ترك ما جرى خلف الظهر”، خصوصا بعد مشاركة جنود جزائريين قبل أشهر في استعراضات مئوية الحرب العالمية الأولى في الشانزليزي، يبقى ملف استرجاع الأرشيف الجزائري من فرنسا مؤجلا إلى تاريخ غير معلوم، فقد اعترف أول أمس، وزير المجاهدين بأن الأرشيف لن تسلمه فرنسا، وأن ”الأرشيف الذي تحتفظ به لن تسلمه أبدا للجزائر وهو الأرشيف الذي يسيء إليها”، في إشارة منه إلى جرائم الحرب وضد الإنسانية الممارسة ضد الجزائريين منذ سنة 1830، وأضاف أن فرنسا لن تقبل أبدا بأن شوكتها قد انكسرت في الجزائر وأنها خسرت الحرب في الجزائر”. وإذا كان الأمر كذلك، فإن التساؤل يطرح حول أسباب عدم مبادرة البرلمان على فتح ملف استرجاع الأرشيف المنهوب، وبالمثل إعادة طرح مشروع تجريم الاستعمار منذ 2001، الذي قدمه النائب البرلماني السابق أرزقي فراد، وتم إجهاضه في المهد، ثم في 2011، حين طرحه موسى عبدي، النائب البرلماني السابق، الذي أوضح أن أحمد أويحيى، أسقطه قبل دخوله قبة البرلمان، تحت تبرير أنه يتعارض مع ”اتفاقيات إيفيان”، وهو ما رد عليه عبدي، بأن ”اتفاقيات إيفيان” تعالج فترة زمنية قصيرة مدتها 7 سنوات ونصف السنة، والمشروع يتحدث عن فترة 132 سنة. وتابع بأن من أهدافه أنه يسعى إلى إقامة مشروع مجتمعي مبني على إعادة بعث القيم الثقافية والعلمية والاقتصادية ونشر الوعي، وأوضح أن المشروع اصطدم بظروف إقليمية وعربية كالربيع العربي، أخرت طرحه. أمين لونيسي
شدد على ضرورة استغلال المجاهدين المتبقين لتدوين أحداث وتفاصيل حقائق ثورة المجاهد علي بدوحان: فرنسا ستعترف بجرائمها في الجزائر لتحقيق مصالحها الاقتصادية قال المجاهد علي بدوحان، إن فرنسا ستعترف بالجرائم المرتكبة في الجزائر إبان الحقبة الاستعمارية لتحقيق مصالحها الاقتصادية، خاصة بعد الأزمة المالية التي شهدتها الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة، والتي كانت لها تداعيات سلبية على الاقتصاد الفرنسي. وأضاف بدوحان، في اتصال هاتفي مع ”الفجر”، أن الجزائر اليوم في موقع قوي خاصة بعد التقدم الكبير والواسع في جميع الميادين سواء على الصعيد الدبلوماسي، السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، مؤكدا أن الموقع الذي تحتله الجزائر سيدفع فرنسا إلى الاعتراف بجرائمها لتلبية مصالحها الاقتصادية، لأنها تعتبر الجزائر الشريك الاقتصادي الأول ولا يمكن الاستغناء عنها في أي حال من الأحوال، خاصة وأن فرنسا تمر بمرحلة صعبة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها، مضيفا أن فرنسا لا تزال لحد الساعة تطمع في الجزائر، فبعد 51 سنة من الاستقلال تبقى الجزائر محل أطماع ولو بأشكال أخرى. وأكد المتحدث على ضرورة تدوين وكتابة كل الحقائق التاريخية لثورة نوفمبر المجيدة، مشيرا إلى وجود العديد من الحقائق الهامة التي صنعت قوة الثورة لم تأخذ حقها بعد، وشدد على ضرورة استغلال المجاهدين المتبقين على قيد الحياة لتدوين أحداث وتفاصيل حقائق ثورتنا المظفرة. وفي رده على سؤال ”الفجر” حول الفرق بين شباب الثورة والجيل الحالي، قال بدوحان إن وطنية شباب الجيل الحالي لا تختلف كثيرا عن جيل الثورة، وما موضوع الحماسة الرياضية في تأهل الجزائر إلى المونديال إلا دليل على ذلك، مبرزا أن جيل الشباب ما هو إلا استمرار ليس تاريخيا بل وطني متشبع بجيل نوفمبر، ولن يتوانى في الوقوف وقفة رجل واحد في كل مرة. سارة بوطالب
الباحث والمؤرخ محند أرزقي فراد ل”الفجر”: ”لن تقوم السلطة بتجريم فرنسا مادامت تملك برلمانا شكليا” أكد الدكتور والمؤرخ محند أرزقي فراد، ل”الفجر”، أن السلطة تغالط الشارع بمصطلح الشرعية الثورية الذي تستند إليه في حكمها، وساعدها في ذلك توفر ”الريع وتداعيات العشرية السوداء”. الفجر: هل تسعى تنسيقية الانتقال الديمقراطي عشية ذكرى الأول من نوفمبر برسالتها الموجهة إلى الشعب ل”القطيعة” مع ”الشرعية الثورية” التي ترفعها السلطة، لاسيما وأن الرسالة تخلص إلى تحقيق هدف الانتقال الديمقراطي؟ أرزقي فراد: الشرعية الثورية توقفت في 62، ومعنى ذلك أن الشعب الجزائري رفع البندقية لاسترجاع حريته وشرعيته بعد أن قامت فرنسا بنزع أراضي الجزائريين، وكان من المفروض أنه بعد الاستقلال الحديث عن الشرعية الديمقراطية، لكن التمسك بهذا المصطلح مغالطة كبيرة وهناك الكثير ممن يستعملون مصطلح الشرعية الثورية ولا يعون ما معناه فهو موجه إلى المستعمر. كيف تقيّمون مسار محاولات نزع غطاء الشرعية الثورية بعد ستين سنة؟ الفترة كانت صعبة خارج الحزب الشيوعي ومغادرة بوضياف بعد أن خرجنا من حرب مدمرة، إذ كان الأمر صعبا جدا، وبعد 69 حدث تحول هام ببروز جيل جديد لم يشارك في الثورة تبعته أحداث 5 أكتوبر 88 مهدت لأول دستور في تاريخ البلاد، لكن وقع انقلاب عليه، لكننا مازلنا نتنفس بفضل هذا المنعرج. والسلطة الآن في ورطة مع انهيار أسعار النفط التي تحتمي بها. إذن الريع وتداعيات العشرية السوداء هي ما تحيا بهما السلطة الحالية. المعارضة والطبقة السياسية وكذا البرلمان غرقوا في مطالب آنية وتناسوا مطلب تجريم الماضي الاستعماري؟ حقيقة ربما لا تعرفها، صدر لي كتاب ذكرت فيه أنني قدمت في 2001 مشروع قانون لتجريم الاستعمار بموافقة 50 نائبا في البرلمان، وهي مبادرة شخصية، والمشكلة أن السلطة لا تريد تجريم الاستعمار، وهو أكثر من ضرورة، خصوصا وأن فرنسا ذهبت إلى تمجيد الاستعمار عام 2005، لأن باريس لا زالت لديها يد في الجزائر، فأظن أنه مادامت السلطة القائمة تملك برلمانا شكليا لن تجرؤ على تجريم فرنسا. سأله: أمين لونيسي
دعا إلى ضرورة التمسك أكثر برصيد الشهداء الأبرار لمواجهة التحديات عبادو يطالب فرنسا بالاعتذار عن جرائمها بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع ألمانيا دعا الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين، السعيد عبادو، فرنسا إلى الاعتذار عن الجرائم والأضرار المادية والمعنوية التي ارتكبتها في حق الشعب الجزائري طيلة الحقبة الاستعمارية بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع ألمانيا. وأفاد عبادو، في مداخلته بالبرلمان حول موضوع ”قراءة في بيان أول نوفمبر 1954”، أنه إذا كانت فرنسا ترغب في إقامة علاقات صداقة وتعاون حقيقية مع الجزائر، عليها أن تعتذر عن الجرائم والأضرار المادية والمعنوية التي ارتكبتها طيلة الحقبة الاستعمارية، وأن تعوض عن تلك الأضرار التي لحقت بالشعب الجزائري طيلة فترة الاحتلال بنفس الطريقة التي تعاملت بها فرنسا مع ألمانيا بدعم من الحلفاء آنذاك. وتابع الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين بأن ما قامت به السلطات الاستعمارية من زج للشعب الجزائري، الذي كان يرزح تحت نير الاستعمار في حرب لا تعنيه وإرغام أبنائه على المشاركة واستعمالهم كدروع في الحربين العالميتين الأولى والثانية، هو جريمة ضد الإنسانية كما نص عليه نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف. وذكر عبادو بالاعتداء الإرهابي ضد القاعدة الغازية بتيغنتورين، بعين أمناس، مشيرا إلى أن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني وحامل لواء النجاح والانتصار في كل المعارك، خاض معركة كبيرة وقوية ضد قوى الشر والتدمير، مبرزا أن هذه المعركة قد جسدت بفعاليتها ودقتها واحترافيتها وانتصارها، وجها من وجوه الموروث جيش التحرير الوطني، وبرهن خلالها أشاوس هذه المعركة أنهم بحق من أشبال أولئك الأسود في سبيل حماية أمن الجزائر واستقرارها وسيادتها. وفي سياق آخر، أوضح المجاهد عبادو، أن الجزائر التي تسير بخطوات ثابتة وتشهد تحولات كبيرة على مختلف المستويات وفي جميع الميادين منذ عقود من الزمن في ظل قيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أخذت على عاتقها مسؤولية الإصلاح وإحداث تغيير جذري وخوض معركة تنمية شاملة متكاملة في مختلف مناحي الحياة، مشيرا إلى أن التطورات والأحداث المؤسفة التي تقع هنا وهناك وبالقرب منا في أكثر من بلد عربي، ”لا تفرض علينا الالتزام باليقظة والتجند فقط، بل يتعين تسخير جميع مكامن القوة التي نتوفر عليها”، وحث على ضرورة التمسك أكثر برصيد الشهداء الأبرار من أجل البقاء وإثبات الوجود في عالم يتسم بتداخل النظم الاقتصادية والاجتماعية والعقائدية.