نسمع شتى التصريحات عن القضاء على “داعش” في بحر 6 أشهر أو بعد عام من الزمن. هذا غير كاف مطلقا. ف”داعش” وباء ومن الخطر ترك أي وباء يستحكم في التربة، وينشر مخالبه في المناطق المجاورة وعالميا. الوقاية خير من العلاج. وقد ظهرت بوادر هذا الخطر في التصريحات التي صدرت من منظمات إسلاموية إرهابية مشابهة مثل بوكو حرام في نيجيريا، و”القاعدة” تؤيد “داعش” أو تتجاوب معها. وأصبح مسرح الإرهاب في سوريا مدرسة تخريج الإرهابيين من شتى الدول. حكمت المحاكم البريطانية قبل أيام بالسجن لمدة 13 عاما على شابين عادا من سوريا وفي أمتعتهما مواد وأدوات للقيام بأعمال تفجيرية في بريطانيا. واعترفا بذلك. إننا أمام خطر عولمة الإرهاب. أخذت “داعش” الآن تستقبل إسلامويين وإسلامويات من بريطانيا وأوروبا غربا، ومن أوزبكستان شرقا، وبالمئات. كل يوم يمر يزيد من نفوذ وأفكار “داعش” وأساليبها في نشر هذه النسخة المشوهة والفظة من الشريعة بين المنظمات الإسلاموية في عموم العالم الإسلامي، وراح القوم يهتدون بها ويتباركون بعلمها الأسود، علم الخلافة التي تدعي هذه المنظمات بها وتسعى لإقامتها لا في العالم الإسلامي فقط، بل والعالم برمته حول الكرة الأرضية، كفصل نهائي خاتم للحروب الصليبية. سيقولون إذا استطاعت “داعش” أن تقتطع هذا الجزء الواسع من العراقوسوريا بهذه السهولة وتسيطر على حقول نفط مهمة من كلتا الدولتين وتبيع إنتاجها للخارج، وتصمد بوجه الجيوش المحلية وغارات الحلفاء، فلمَ لا نقوم نحن بمثل ذلك؟ ونتوسع فنسيطر على أوروبا وأميركا وكل العالم من مونت كارلو إلى هوليوود؟ لم ينتبه العالم بعد لأخطار هذه التطورات المخيفة ومستقبلها الأسود، وقد وقعت قيادة العالم مع الأسف بيد هذا الرئيس الضعيف والمتردد، باراك أوباما، الذي حمل تردده وفوبيته وزير دفاعه إلى الاستقالة. لم نكن نواجه هذا الوضع العصيب لو أنه استجاب فورا لنصيحة وزيره وبادر للتدخل وإسقاط نظام بشار الأسد حالما انتفض الشعب السوري عليه وتطلع إلى دعم مشابه لما أعطي للشعب الليبي. لقد فاتت الفرصة الآن، وفات حتى وقت الندم. كنت قد كتبت أخيرا ودعوت لتشكيل فرقة عالمية من المتطوعين المؤمنين بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسلامة الأقليات للمساهمة بشن حرب عولمية تزيح “داعش” من الساحة التي احتلتها. خطورة الموضوع تقتضي تدخلا عالميا وتجييش عساكر لاستئصال هذا الداء فورا قبل تمكنه وانتشاره في سائر أطراف جسم العالم الإسلامي وأحشائه، وسحق “داعش” سحقا يجعل منها مثالا للآخرين ممن يسيرون على دروب البربرية والهمجية. والمبتغى الأشرف هو أن تتولى دول العالم الإسلامي هذه المهمة، لئلا يقال إن التدخل الغربي امتداد للحروب الصليبية. ولكن أنّى كان الأمر، فهذه قضية لا تحتمل أو تسمح بالتريث والتردد والتسويف.