تشير أحدث الإحصائيات العالمية إلى إصابة ما يقارب مليون وستمائة ألف شخص بمرض سرطانات الرئة التي تعد من بين الأورام الفتاكة سنويا، ما يؤدي إلى وفاة ما يقارب مليون وأربعمائة ألف نسمة سنويا. تشير آخر تقارير الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة للأمم المتحدة إلى أن عدد الوفيات بسبب السرطان بلغ 8.2 مليون في العالم في عام 2012، وأن معدل انتشار السرطان على مستوى العالم ارتفع بنسبة 11 بالمائة خلال السنوات الخمس الأخيرة، في حين تشير التوقعات إلى ارتفاع حالات الإصابة بالسرطان في العالم بواقع 75 في المائة خلال العقدين القادمين لتصل إلى 25 مليون حالة، أما بالنسبة لسرطان الرئة فتشير الإحصائيات إلى اكتشاف 1.6 مليون حالة جديدة على مستوى العالم خلال عام 2008، وأن عدد الوفيات الناتجة عن سرطان الرئة تقدر ب 1.38 مليون وفاة بنسبة 18.2 في المائة من إجمالي عدد الوفيات الناتجة عن السرطان بشكل عام. وأشار الأطباء إلى العلاقة بين تدخين التبغ والسجائر والإصابة بسرطان الرئة، واعتبروا التدخين مسببا رئيسيا للمرض، معززين ذلك بتقارير ودراسات مسحية حديثة تفيد بوجود علاقة بين التدخين والإصابة بسرطان الرئة منذ عام 1912، ومنذ ذلك الحين أصبحت هذه العلاقة أكثر تلازمية وحتمية، بحيث يمكن القول إن إمكانية الإصابة بسرطان الرئة ترتفع بمقدار 30 ضعفاً بين المدخنين مقارنة بغير المدخنين، حيث إن 90 في المائة من الحالات تكون ناتجة عن التدخين. كما أن من الأسباب المعروفة لحدوث هذا المرض تعرض الرئة لجرعات من المواد المشعة، التي غالبا ما تكون أعطيت كعلاج لأورام سابقة، وقد أثبتت دراسات حديثة أن التعرض بشكل مستمر ولفترات طويلة لدخان الفحم والخشب قد يسبب سرطان الرئة، وكذلك التعرض بشكل مستمر لنشارة الخشب قد يكون أحد أسباب الإصابة بسرطان الرئة. كما يعد التعرض لعوادم المصانع مثل مصانع النيكل والكروم والإسبستوس من عوامل الخطورة أيضا، بالإضافة إلى العوامل الوراثية والجينية وغياب جين محدد يعرف باسم Tumor Suppressor Gene الذي قد يلعب دورا في الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 4 إلى 5 في المائة فقط. وعن أعراض سرطان الرئة وعوامل الخطورة المرتبطة بالإصابة به، قال الدكتور تركي الفايع إن الأعراض تتركز في السعال مع ظهور دم مصاحب له، وضيق في التنفس ونقص الوزن وآلام في العظام وآلام في الكبد، مؤكدا أن سرطان الرئة هو القاتل الأول بين جميع أنواع السرطانات الأخرى على مستوى العالم، ففي أمريكا وحدها يلقى أكثر من 200 ألف شخص حتفهم سنوياً بسبب سرطان الرئة. ونظراً لكون أعراض الإصابة بسرطان الرئة لا تظهر عادة لدى المريض إلا مع وصول المرض مراحل متأخرة، فمن الضرورة بمكان أن يقوم الإنسان العادي بإجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن سرطان الرئة، لا سيما من هم في المرحلة العمرية بين 50 و70 عاما من المدخنين خلال العشر سنوات الأخيرة، أو ممن يدخنون علبتي سجائر يوميا على مدار 5 سنوات لأنهم عرضة أكثر من غيرهم للإصابة بالمرض. ومن بين أبرز وسائل الكشف المبكر عن سرطان الرئة هوإجراء فحص أشعة الصد، إجراء فحص تصوير طبقي مقطعي للصدر، فحص تنظير الشعب الهوائية بالرئة، فحص عينة البلغم أو القشع. وقال الأطباء إن هناك أفاقا جديدة ووسائل علاجية حديثة ومبتكرة في علاج أورام الرئتين اكتشفت أخيرا، ويتم حاليا تطبيقها فعليا على المرض في السنوات العشر الأخيرة، أدت إلى إطالة حياة المريض مع تمتعه بنوعية حياة أفضل، بالإضافة إلى السيطرة على أعراض المرض بطريقة أكثر فعالية وجدوى من ذي قبل، بل إنه في أحيان كثيرة كانت العلاجات الحديثة سبباً في إمكانية تحويل هذا المرض من مرض قاتل فتاك إلى مرض مزمن يمكن التعايش معه ولفترة طويلة. ومن أهم هذه التطورات المشهودة تم اكتشاف تحولات وراثية في الخلايا المرضية تكون مسببا لنمو وانتشار هذه الخلايا السرطانية، منها على سبيل المثال اكتشاف خلل جيني في مستقبلات عوامل النمو، التي غالبا ما تكون موجودة بنسبة أعلى لدى غير المدخنين ممن لديهم ورم من نوع الخلايا الورمية الغُدية وغير الحرشفية، حيث يتم فحص الخلايا الورمية جينياً لاكتشاف مثل هذه التحولات الوراثية،استخدام ما يعرف حاليا بالعلاجات الموجهة، وهي أدوية تعطى للمريض المصاب بسرطان الرئة من نوع الخلايا الورمية الغُدية التي تقوم بتعطيل الخلايا الحاملة للتشوهات الوراثية، وبالتالي يقف نموها وتبدأ بالشيخوخة ثم تموت.