لا تزال دموع السيدة ”م.س” تنهمر منذ فراقها عن طفلتها الرضيعة ولا تزال تتذكر ذلك اليوم بتفاصيله. يوم 3 سبتمبر 2014 رسخ في ذهن والدة الطفلة ”رنا”، وأبى أن يفارق ذاكرتها.. وأبت الدموع أن تفارق وجنتيها اللتان تورمتا من كثرة البكاء على فراق فلذة كبدها الرضيعة.. والدة ”رنا” هي إمرأة جزائرية تحمل من الطيبة ما يكفي لنحر كل شر يعتري الكرة الأرضية وتحمل من الجمال ما يكفي لإذابة قلوب رجال الكون حبا. هي إمرأة في العقد الثاني من العمر.. بيضاء البشرة بعينان خضراوان، طويلة القامة، رائعة الجمال .. شهر عسل في ”غزة” السيدة ”م.س” تروي ل”الفجر” قصة حبها التي تحولت بين ليلة وضحاها لقصة عذاب..”تعرفت على زوجي أثناء مزاولتنا الدراسة الجامعية بكلية دالي براهيم، هو فلسطيني من غزة قطاع رفح واسمه الرباعي ”مصطفى جبر محمد غنيم”.. جمعتنا علاقة جدية، تزوجنا بتاريخ 31 جويلية 2010 وقررنا السفر لقطاع غزة للعيش في كنف عائلته. سافرنا بعد يومين من زواجنا بتاريخ 3 أوت من نفس السنة وقضينا شهر العسل هناك. تعرفت على الشعب الفلسطيني الرائع، لا تشعرين بالغربة إطلاقا بينهم”. ولدت ابنتنا ”رنا” في الجزائر.. ”مكثنا هناك إلى غاية جويلية 2011 وعندما كنت حاملا في الشهر الخامس، قررنا العودة إلى الجزائر حتى أضع طفلتي في الجزائر، لأنني خفت الإنجاب في المستشفيات هناك. بقيت في الجزائر إلى أن ولدت طفلتي ”رنا” ومكثت وإياها هنا 40 يوما وهنا إلتحق بنا بعد ثلاثة أيام حتى يتحصل على تأشيرة 10سنوات، كونه كان يملك تأشيرة عامين فقط. عدت وإياه رفقة طفلتنا لغزة وبقينا هناك مدة من الزمن. وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة قررنا العودة للجزائر والعيش هنا، بعد أن وضع لي شرطان أولها أن أجد عملا مستقرا وأن أتكفل بهذه الأسرة وثانيهما أن أوفر مسكنا خاصا لأنه رفض أن يسكن في بيت والدي. وافقت على الأمر، خاصة وأنني عشت العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة السنة الماضية، عشت أسبوعا من الرعب والخوف وهنا اتفقنا على أن أسافر بمعية طفلتي أولا ومن ثم يلحق بنا”. احتمينا بعائلة مصرية خلال العدوان الإسرائيلي.. ”فور خروجي من غزة رفقة طفلتي ذهبنا لمصر كون تذكرتي كانت على بعد أسبوع، استضافتنا عائلة مصرية، رحبوا بنا خير ترحيب، كنت أضع طفلتي في ”الكونغورو” وكنت مثلما يقولون ”أتمحن بها” إلى أن سافرت للجزائر، ومباشرة بعد دخولي أرض الوطن وجدت عملا في قطاع الاتصالات واستأجرت لمدة سنة كاملة في استوديو بالقبو بمنطقة واد الرمان..”، تسكت قليلا ثم تواصل: ”دخل هو للجزائر بعد أن كنت استخرجت له بطاقة إقامة لمدة 10سنوات.. صعب عليه إيجاد عمل، وهذا المشكل بات يأرقه.. أخبرته بأنني موافقة على التكفل بمصاريف الأسرة في انتظار الفرج ومن ثم قررت وضع طفلتي في الروضة”. بركان اجتاح كياني بعد سماعي نبأ اختطافه لابنتي.. وهنا بدأ يتحجج بعد أن حاولت التوسط لها باسم والدي بعد أن تعذر علي دفع 14 ألف دينار جزائري لتسجيلها.. وراح يتحدث بنبرة جديدة علي بقوله بأن هذه الطفلة ابنته وليس ابنة والدي، استمر الوضع على هذا الحال، لم نتخاصم بتاريخ الوقائع عدت من العمل لم أجدهما بالمنزل في 3 سبتمبر 2014 كان قد أخذها كعادته، انتظرت عودتهما طيلة المساء.. أرسل لي رسالة نصية من رقم آخر قال فيها أن الطفلة أتلفت هاتفه النقال بعد أن رمته في البحر.. وعندما كانت الساعة تشير للحادية عشر ليلا بدأ الشك يراودني اتصلت به فوجدت الهاتف النقال مقفلا، خفت، ذهبت لمركز الشرطة للتبليغ عن اختفاء زوجي وابنتي، طلبوا مني التريث ل 24ساعة، وفي اليوم الموالي وردني اتصال من قطاع غزة وهنا خفت كثيرا.. إحساسي أخبرني بأنه أخذها وسافر حتى قبل أن أرد على الاتصال.. رفعت سماعة الهاتف وكان هو المتصل.. أخبرني بأنه أخذ ”رنا” وعاد لقطاع غزة.. سألته: لماذا فعلت هذا ؟ وهنا قال لي: ”فعلت هذا لأجبرك على الحضور والعيش معي في القطاع”.. وواصلت حوارها ساردة المعاناة التي عاشتها منذ ما يقارب سنة، من الأزمة النفسية التي عاشتها إلى سفرها لقطاع غزة آملة استعادة ابنتها أو حتى رؤيتها.. ولكن دون جدوى .. لماذا انتقم من إحساني عليه؟ وقررت متابعته قضائيا أمام العدالة الجزائرية بعد أن قمت بخلعه في شهر فيفري من السنة الجارية وأضافت: ”لا أدري لماذا قابل كل ذلك الإحسان بجحود النعمة، لماذا انتقم من تعاطفي معه، كيف استطاع أن يحرق قلبي اشتياقا لرؤية طفلتي الوحيدة.. لا أدري إن كان غبائي هو الذي جرني إلى هذه المواصيل وهنا رد عليها مجموعة من المحامين وكل الأشخاص الذين تعاطفوا معها وخرجوا لرواق المحكمة من أجل عرض مساعداتهم عليها.. أين راحوا يخبرونها بأن طيبة قلبها دفعتها لذلك وأن لا تندم إطلاقا على مساعدتها له.. لأن الشعب الجزائري شقيق الشعب الفلسطيني مهما حدث. قضيتي عنوانها الشوق والحرمان.. بخطوات متثاقلة ودموع منهمرة مثلت السيدة ”م.س” أمام محكمة بئر مراد رايس في قضية أقل ما يقال عنها أنها قضية شوق وحرمان من رؤية فلذة كبدها ”رنا”، وبعد أن أحيلت الكلمة لها، حول كيفية تحولها لضحية في قضية الحال جاء على لسانها الآتي: ”سيدتي القاضية افتقدت لإبنتي الوحيدة ”رنا” إختطفها مني زوجي الذي يكون والدها، حرمني من رؤيتها منذ أكثر من سنة وتحديدا منذ سبتمبر 2014، حرمها من أحضاني منذ أن كانت في السن الثانية كانت لا تزال رضيعة آنذاك، أوهمني زوجي بتاريخ الوقائع بأنه سيأخذها كعادته للتنزه، كونه كان عاطلا عن العمل، كانت علاقتي بزوجي عادية لم نكن على خلاف وبتاريخ الوقائع هربها لخارج التراب الوطني، جواز سفرها الجزائري كان بحوزتي، يبدو أنه قام باستخراج جواز سفر فلسطيني دون علمي ولم أرها منذ تلك الفترة..”. وكيل الجمهورية: ”لا توجد اتفاقية تسليم المساجين بين دولة فلسطينوالجزائر، والتمس إدانة المتهم بعام حبس نافذ و200 ألف دج غرامة مالية نافذة مع إصدار أمر بالقبض ضد المتهم.. المحامية ”بوراوي ليندة”: استنفذنا كل الطرق القانونية لاستعادة الطفلة استنفذنا جميع الطرق القانونية لاستعادة ابنة موكلتي ولكن دون جدوى. موكلتي سافرت لفلسطين وذهبت لقطاع رفح بغزة آملة رؤية ابنتها الوحيدة ولكن دون جدوى، تخلف زوجها عن إحضارها، اتصلنا بوزارة الخارجية ولكنهم طلبوا منا حكم من وزارة العدل.. موكلتي تعاني الأمرين منذ حرمانها من طفلتها الوحيدة وتعرضت لأزمة نفسية حادة، والطفلة القاصر تعاني من إهمال مادي ومعنوي والتمست من السلطات الجزائرية أن تسعى لاسترداد الطفلة طبقا للقانون كون الحضانة تعود للأم خاصة وأن الطفلة لم يتعدى سنها ال3 سنوات.. والدة ”رنا” تستنجد بالسلطات الفلسطينية.. ”أخاطب ذوي القلوب الرحيمة في هرم السلطة الفلسطينية، ابنتي اليوم تعيش في قطاع غزة في قطاع رفح رفقة والدها وعائلته، الذين حرموني من رؤيتها حتى عبر شبكات التواصل، أستنجد بكل نفس تخاف الرحمان أن تتوسط لي حتى يعيدوا ابنتي لأحضاني، أرجوكم أعيدوا لي ابنتي ”رنا” هي طفلة تبلغ من العمر 3سنوات ولدت بتاريخ 7 ديسمبر 2011 ووالدها ”مصطفى غنيم”.. وأناشد وزارة الخارجية الجزائرية أن تساعدني في استعادة ابنتي الوحيدة، أرجوكم ساعدوني لا أعرف كيف استعيد صغيرتي”. أغيثوني يا أهل غزة.. أرسل لكم آهات أم جزائرية.. ووجهت والدة ”رنا” من خلال جريدة ”الفجر” نداء لأهل غزة أن يساعدوها في استعادة طفلتها: ”أغيثوني يا أهل غزة .. أنا أم جزائرية وأناشد كل من يعرف عائلة والد ”رنا” أن يتوسطوا لي لاستعادة طفلتي، خاصة وأنني من يملك حق الحضانة خاصة وأن الطفلة لا تزال جد صغيرة وتحتاج لرعايتي وحناني، أناجيكم في هذا الشهر الفضيل.. أناشد كل أم غزاوية حرمت من احتضان أطفالها لأي سبب كان وأنا متأكدة من أنهن يشعرن بمثل الإحساس الذي أشعر به.. أرسل لكل أم ولكل من يملك ذرة رحمة في قلبه أن يطفء نار الشوق التي تجتاح كياني و قطع شراييني من الداخل.. اشتقت لطفلتي الصغيرة.