يشكل طبق الكسكسي بالزبيب أو''المسفوف'' خصوصية وجبة السحور المفضلة لمختلف مناطق ولاية المدية، لكن رياح العصر ودخول العديد من قنوات الطبخ حيز الخدمة أتت على العديد من التقاليد والعادات الشعبية التي توارثتها الاجيال أبا عن جد، وهو ما دفعنا للتساؤل عن مدى التزام سكان المدية بهذه العادة التي ظلت صامدة وسط أشهى الأطباق الرمضانية المتنوعة. وبالعودة للحديث عن ”المسفوف'' فهو عبارة عن كسكسي يمزج بقليل من الزبدة مع الزبيب ويسقى بالحليب أو اللبن، وهناك من يفضل تحضير هذا الطبق بالخضر بدلا من الزبيب. والمعروف عموما أنها وجبة خفيفة تساعد مستهلكها على مقاومة الجوع، وبدا جليا من خلال الحديث مع بعض المواطنين بخصوص هذا الطبق، أن كبار السن مازالوا متشبثين بهذه العادة التي تميز المطبخ الرمضاني المدايني تشبث الرضيع بأمه، وحتى شبان اليوم بدوا متعلقين بنكهة هذا الطبق التقليدي. لكن بين هاتين الفئتين نجد فئة أخرى من شبان اليوم يستهويها ارتشاف فناجين القهوة مع الهلاليات أو الحلويات و”البريوش”. السيدة حفيظة ماكثة بالبيت، قالت:''الكسكسي بالخضر بدلا من الزبيب مازال يتربع على مائدة السحور في منزلي وزوجي لا يمكنه أن يتسحر، دون أن يشاهد الكسكسي بالزبيب على المائدة، وأنا شخصيا لا أتوانى عن تحضير هذا الطبق لأفراد أسرتي، مع الحرص على تنويع وجبات السحور”. من جهته، رشيد، 35 سنة، يعمل كموظف في البلدية سألناه عن وجبته المفضلة في السحور فرد أنه يفضل البريوش بالحليب على الكسكسي بسبب المتاعب الصحية التي يسببها له لأنه مريض بالقولون والمعدة ولا يستطيع هضم حتى الكسكسي، في حين أن الحليب ب”البريوش” يجعله نشيطا وحيويا عن الاستيقاظ من النوم. غير أنه أكد لنا أن وجبة الكسكسي حاضرة في المائدة لان زوجته لا تحب ”البريوش” مع الحليب. من جهته عمي اعمر، متقاعد، أشار إلى أن التهافت الملحوظ على الزبيب الذي يصل سعره إلى 900 دج للكيلوغرام الواحد، يترجم بلا شك مدى تمسك الأسرة الجزائرية بعادة التسحر بالكسكسي. انتقلنا إلى شبان اليوم لنسألهم عن وجبة الكسكسي أو المسفوف في السحور، فاتضح لنا من خلال هذا الاستطلاع أن العديد منهم سائرون على خطى آبائهم.