كيف يتم تجنيد الشباب في التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش؟ ولماذا تتم العملية بسهولة كبيرة بالنظر إلى عدد المجندين؟ وعلى ماذا تعتمد التنظيمات الإرهابية لاستقطاب عناصر جديدة؟ هي أسئلة يستمر طرحها من طرف عديد الجهات مادامت العملية مستمرة والأعداد في ارتفاع والنشاط الإرهابي في تمدد وتوسع. بالنظر إلى الظهور الإعلامي لقيادات تنظيم الدولة الإسلامية ”داعش” وتوابعها، وإلى أشرطة الفيديو وكذا البيانات الإعلامية، فإن أهم نقطة يرتكز عليها ”داعش” لاستقطاب عناصر جديدة، هي الدعاية لوجود حرب على الإسلام، من طرف أنظمة الحكم في دول عربية وكذا من الغرب، ومن الشيعة، كما أن تجنيده لأعداد كبيرة من المقاتلين الأجانب بين صفوفه، يتم عبر إحساسهم بالذنب لتمتعهم بحياة الرفاهية مقابل معاناة المسلمين في مناطق متعددة، بالإضافة إلى استخدام مفردات وخطابات حول الطائفية، حيث يعتبر الاستقطاب الطائفي منذ غزو الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003، من بين أسباب انضمام الشباب إلى ”داعش”، وعليه فإن ”داعش” يعتمد بشكل أساسي على فكرة التضحية للانتقام وأيضا لرد الاعتبار للمسلمين السنة. إن المشكلة الحقيقية في المجتمعات الإسلامية بشكل عام، تكمن في التركيز في المساجد على تغذية فكرة الخوف من الذات الإلهية أكثر بكثير من الحديث عن الحب أو الأمل تجاهها، ومع اتساع هذه الثقافة بين أئمة المساجد، وانتشار الشعور بالذنب بين الشباب، تستفيد التنظيمات الإرهابية من الرغبة في التضحية عند هؤلاء الشباب، وذلك بالاعتماد على أن ”الطريق الأقصر للشهادة يمر عبر الجهاد، وإن كنت تبحث عن المغفرة فذلك عبر الجهاد أيضا، وإن كان هدفك هو التضحية فالجهاد هو السبيل. سيُغفر لك قبل أن تقع أول قطرة من دمك على الأرض”، لذلك تجد ممارساتهم دموية ووحشية. ومع تنامي أحاديث الاضطهاد والتضييق والمعاناة، يبدأ الارهابيون في التسامي الروحي فوق كل من حولهم، ويؤدي ذلك إلى عقدة تفوق، بحيث يؤمنون بأنهم باتوا من النخبة، وغير المسلمين أو المسلمين الآخرين الذين لا يؤمنون بنفس أفكار أناس أقل درجة. نحو 5000 مقاتل انضموا إلى تنظيم ”داعش” في الفترة من أكتوبر 2014 إلى جانفي 2015، ليصبح عدد المنضمين قرابة 200 ألف، من جنسيات حوالي 80 دولة، بعد أن تم الحديث بشكل تقديري عن حوالي 150 ألف مقاتل، في أكتوبر 2014، وتصدرت أوروبا مزودي ”داعش” بالإرهابيين، وعلى رأسها فرنسا ب1200 مجند، ثم ألمانيا ب600 مقاتل.