وقد جهر أحدهم بالنوايا الحقيقية من وراء الفوضى التي لم تخلق إلا الدمار في المنطقة العربية. فهذا المرشح عن الحزب الجمهوري للرئاسيات الأمريكية “جون كاسيتش” يقول أمس، في حوار له مع “سي أن أن”، إن مآل العراق أن ينقسم إلى ثلاث دويلات، وإن كان اعترف أن اجتياحه من قبل بوش كان خطأ. سينقسم العراق إذا مثلما تردد كثيرا، منذ احتلال العراق في مارس 2003، بل حتى قبل هذا التاريخ، سينقسم إلى دولة للأكراد، وأخرى للسنة وثالثة للشيعة. وعلى عكس ما يؤكده هذا المرشح أن الأكراد في العراق أصدقاء لأمريكا، فإن نفس أمريكا تدعم تركيا وأردوغان على ضرب الأكراد وكسر شوكتهم، وازداد استهدافها لهم منذ أبرزوا شجاعة في محاربة داعش في عين العرب، والمناطق الكردية الأخرى في سوريا... تصريح المرشح الأمريكي يؤكد من جديد إصرار أمريكا على استمرار الفوضى بالعراق، وعدم جديتها في محاربة داعش التي زرعتها مخابراتها، حتى تصبح الحلول الأخرى التي تتفادى التقسيم مستحيلة. وليس مستبعدا أن يخرج مسؤول أمريكي آخر ويضع الجميع أمام الأمر الواقع لتنتهي سوريا إلى نفس المصير، وهذا ما يحضر له من وراء جرائم داعش في سوريا، والتي تدعمها إسرائيل بالسلاح وتستقبل جرحاها في مستشفياتها. فالفوضى إذا لا تزال مستمرة في سوريا إلى أن تتوقف كل مقاومة للتقسيم، وتنهار الدولة الوطنية مثلما خططت أمريكا لذلك. ليس نفس المصير الذي أعده الغرب لليبيا بعد الإطاحة بالقذافي، لكن هذا موقع “ريزفولتار” ينشر أمس تساؤلات عن الأموال الليبية التي كان القذافي أودعها سنة 2006 في البنوك الأمريكية والأوروبية، والتي لم يظهر لها أي أثر الآن، والمقدرة بحوالي 500 مليار دولار. وكانت الأممالمتحدة أصدرت قرارا في بداية الأزمة الليبية سنة 2011 بتجميد الودائع الليبية في البنوك الأجنبية. ورغم أن الهيئات الأممية “الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي” رفعا التجميد عن الودائع الليبية، إلا أن الدول التي تأوي بنوكها أموال القذافي تصم آذانها أمام مطالبة الحكومة الليبية الشرعية بهذه الأموال، ولم تستجب قبلها لمطالب المجلس الليبي الانتقالي المعترف به دوليا باسترجاع هذه الأموال المنهوبة، والتي تتمثل حسب “ريزفولتار” في 170 مليار أورو مودعة في البنوك الأمريكية والأوروبية، 8 ملايير منها في فرنسا وحدها، وما بين 100 و200 مليار أورو في شكل استثمارات في عقارات وأسهم شركات. فبينما أعادت فرنسا بضع مئات ملايين الأورو إلى الحكومة الليبية، تقابل أمريكا المطالب الليبية بالتجاهل. أليس هذا ما يفسر، ليس فقط الإصرار على الإطاحة بالقذافي ونظامه، حتى تطمس آثار الملايير، بل أيضا إنه أهم سبب لزرع الفوضى في ليبيا، وجعل الليبيين يتقاتلون فيما بينهم، لتسقط كل جهة الشرعية عن الأخرى، ولن يكون هناك من يطالب بالأموال المنهوبة، ولن يكون هناك اهتمام لليبيين غير الحفاظ على حياتهم، أمام تفاقم خطر داعش. ولهذا السبب بالذات تتجاهل القوى الغربية التي تدعي الحرب ضد داعش، نداء رئيس الحكومة الشرعية في ليبيا الذي طالب المجتمع الدولي بمساعدة بلاده على مواجهة داعش. فما دامت هناك داعش تزرع الدمار والموت، فلن يكون من حق الليبيين محاسبة البنوك الأجنبية لاسترجاع أموالهم. وليس مستبعدا أن تواجه الودائع العربية الأخرى في البنوك الأمريكية والأوروبية نفس المصير، فكلما كانت الأموال المودعة في بنوك الغرب ضخمة، كلما قوبلت البلدان بخطر داعش والفوضى. إنه النهب الممنهج وليس الفوضى الخلاقة!!