تمكنت أزمة النفايات من إحراج الكيان السياسي اللبناني الذي لم يخرج عن البعد الطائفي في تعاطيه مع مختلف الملفات، وقد خلق المواطنون لبيروت ”ميدان تحرير” انطلاقا من عجز واضح من النخبة السياسية على حل مشاكل المجتمع والدولة خاصة منذ اندلاع الأزمة السورية.استطاعت النفايات أن تكون سببا في تغيير المشهد السياسي، حيث عرفت شوارع بيروت ومدن أخرى تحركات كثيرة كانت توظف لإدانة فريق أو تيار بلا مواربة، لكن حراك ”طلعت ريحتكم” البيروتي نسب في البداية إلى ”الأكثرية الصامتة” أو الأصوات المستقلة العابرة للطائفية، في حين أكدت شخصيات سياسية أن هناك قوى سياسية كانت جاهزة لتوظيف الاحتجاجات على تفاقم أزمة النفايات في لبنان، في محاولة للضغط على حكومة تمام سلام بنية إحداث شلل شامل للبلاد، وأشارت إلى أن تلك الفئة التي تريد حرف مسار المظاهرات التي تعطل انتخابات رئاسة الجمهورية، وتريد الضغط على الحكومة كي تستقيل، كما يتهم رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون بأنه وراء التحرك بعد فشله سابقا بحشد المتظاهرين في الشارع. وبقطع النظر عن ماهية الحراك والفاعلين فيه، فقد عكست أزمة النفايات وتفاعلاتها -كما يقول محللون لبنانيون- عجز الطبقة السياسية خلال السنتين الماضيتين خاصة، وكذا أسلوب إدارة البلاد في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف، عن حل الكثير من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وبقيت تسير على حد سكين الطائفية ولعل مأزق الحراك الحالي أن كل القوى السياسية سارعت لتأييده في بداياته باعتباره دعوة تلقائية للإصلاح، لكن تفاعلاته قد تزيد من الشحن السياسي في البلاد مع تطور المطالب إلى ”إسقاط حكومة” تمام سلام.