دعت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، أمس، المنظمات الدولية والوطنية إلى تحريك دعاوى قضائية ضد فرنسا، انطلاقا من أبعاد هول التجارب النووية الفرنسية في الجزائر من حيث الأخطار الإشعاعية المميتة على الصحة العمومية والبيئة والتي ستمتد تأثيراتها عبر الأجيال. أوضحت الرابطة الجزائرية للرأي العام الدولي، في تقرير لها اطلعت ”الفجر” على نسخة منه، أنه رغم ال57 تفجيرا ذريا فرنسيا والتي تمت في الصحراء الجزائرية يعد جريمة ضد الإنسانية وتحديا للضمير العالمي الذي عبر عن شعوره في لائحة صادقت عليها الجمعية العامة لأمم المتحدة، فإن الحكومة الفرنسية لم تعط أي اعتبار لصيحات الاحتجاج والاستنكار ضد برامجها النووية، تلك الصيحات المتعالية من جميع شعوب العالم. وبهذه المناسبة تدعو الرابطة المجتمع الدولي إلى فتح تحقيق من أجل كشف حقيقة ملف ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، وهذا الملف الثقيل ما زال مفتوحا ولم يغلق بعد والقضية أصبحت تتجاوز تعويض الأشخاص إلى البحث عن ميكانيزمات لتطهير البيئة في المناطق التي تعرف تلوثا بالإشعاع النووي. ومنذ عام 2009 أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 29 أوت يوما دوليا لمناهضة التجارب النووية. في هذا السياق فإن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تندد بالسّلطات الفرنسية التي مازالت تصّر على إبقاء ملف تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية في أدراج السّرية التامة، بالرغم من المحاولات العديدة من طرف الحقوقيين وجمعيات ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر التي سعت إلى فتح الأرشيف باعتباره ملكاً للبلدين، على الأقل لتحديد مواقع ومجال التجارب وطاقاتها التفجيرية الحقيقية لأخذ التدابير الوقائية اللّازمة لحماية البيئة والسكان، خوفاً من التعرّض للإشعاع المتبقي في مناطق باتت تشهد تصاعد أعداد مرضى السرطان بكل أنواعه، تكرار الولادات الناقصة والتشوّهات الخلقية المسجّلة في تلك المناطق وغيرها من المظاهر المرضية المقلقة. كما أن قرارا مؤرخا في 22 سبتمبر 2014 يحدد كيفية تطبيق قانون مورين 5 جانفي 2010 المتعلق بالاعتراف وتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسيةو يتميز بكونه قرار تعويضات لا يعوض أحدا تقريبا، حيث من بين 150.000 شخص محتمل تعرضهم إلى الإشعاعات النووية التي قامت بها فرنسا، إلا أن التعقيدات القانونية، الإدارية والطبية من طرف السلطة الفرنسية، ومن بين 911 متضرر الذين طلبوا تعويضا من العسكريين الفرنسيين، سكان جنوب المحيط الهادي والجزائريين لم تقبل ملفاتهم ما عدا 16 شخصا كلهم جنود فرنسيون. ويدفع الأمر للتساؤل عن أسباب عدم وجود خبراء جزائريين في لجنة التعويضات، في حين أن الجزائر هي المتضرر الأول من التجارب النووية التي استعمل فيها العسكريون الفرنسيون مادة ”البلوتونيوم” السامة والتي تشير تقارير الخبراء الجزائريين إلى أن سمه يبقى في الأرض لأزيد من 25 ألف سنة. ومن هذا المنظور فإن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تدعو من المجتمع المدني ولاسيما الجمعيات، الباحثين، المؤرخين، الحقوقيين والأطباء للدفاع عن ضحايا التجارب النووية الفرنسية، كما تدعوهم إلى التجنيد ورص الصفوف من أجل رفع دعاوى قضائية أمام كل الهيئات الدولية ضد هذه الجرائم المنافية للإنسانية، وذلك لرد الاعتبار لضحايا التجارب النووية الفرنسية من معطوبين ومصابين بأمراض ناتجة عن الإشعاعات. وتطالب الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان باريس بتقديم اعتذار رسمي لضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر، واصفة ما تسميه فرنسا تجارب نووية بأنه في الحقيقة تفجيرات إجرامية في حق الإنسانية. كما أن من واجب الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تفرض على فرنسا تقديم خريطة التفجيرات بالتفصيل ومساعدة الجزائر تقنيا ولوجستيا.