شهدت قاعة المحاضرات في عاصمة التيطري، عشية الأربعاء الفارط، انطلاق المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي في طبعته العاشرة، والتي تحمل اسم الراحل محبوب اسطنبولي. خلال كلمة الافتتاح التي ألقاها ميلود بلحنيش، أكد على الأهمية التي توليها وزارة الثقافة لهذ المهرجان من خلال استحداث مسابقة العنقود الذهبي، وجمع الفرق المسرحية من مختلف ربوع الوطن، مشددا على ضرورة النهوض بالمسرح الفكاهي وكذا اكتشاف المواهب والأخذ بيدها. وأشاد ممثل وزير الثقافة، المفتش العام بوزارة الثقافة رابح حمدي، بالتاريخ النضالي والثقافي لولاية المدية وأبناء المدية خصوصا في المجال الثقافي، كما أكد على أن المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي صار موعدا هاما في الأجندة الثقافية الوطنية، وذلك لما حققه من نتائج طيبة وذلك لكونه الحدث الوحيد الذي يحتفي بالمسرح الفكاهي، منوها بمسيرة الفنان الراحل محبوب اسطمبولي الفنية، لينهي كلمته بإعلانه عن الافتتاح الرسمي للمهرجان. وشهد حفل الافتتاح تكريم عائلة الفنان محبوب اسطنبولي بالإضافة الى تكريم تعاونية ابن شنب للمسرح وفرقة الأقواس للمواهب الشابة. كما تخلل الحفل عرض فكاهي من تنشيط الفنان الكوميدي حميد عاشوري، ليختتم حفل الافتتاح بعرض لمسرحية ”درب التبانة” التي حازت جائزة أحسن عرض متكامل في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، من إنتاج تعاونية أصدقاء الفن” بولاية الشلف. وتحكي مسرحية ”درب التبانة” قصة رجل عاد بعد مضي عشر سنوات فقد فيها الذاكرة، نسبت إليه هوية ليست له، وبعدما اعتقد أهل القرية أنه توفي صلوا عليه صلاة الغائب وكرم لتضحيته باسم الوطن، لكنه عاد لقريته وهو يريد العودة إلى بيته الذي لم يعد بيته، عاد ليزرع الورد في حديقته التي وجدها قد زرعت خضرا، عاد ليحيا من جديد فمُنع من ذلك، فحرم من حقه في العيش بكرامة في بلده، وهنا بدأ الصراع وبدأت الحكاية وتداولت الأحداث للبحث عن حل للمصيبة التي حلت عليه. وفي قالب مسرح داخل مسرح، مررت رسائل عديدة من العرض عبر لهجة شعبية، يصبح فيها الجنون والعيش داخل المستشفى أهون من العيش في مجتمع مريض بالنفاق. حضور كبير للجمهور عرف حفل الافتتاح الرسمي لفعاليات الطبعة العاشرة للمهرجان الوطني للمسرح الفكاهي، حضورا جماهيريا منقطع النظير بقاعة المحاضرات بكلية الحقوق، رغم الأجواء الماطرة التي شهدتها مدينة المدية. ويرجع هذا الإقبال حسب المنظمين، إلى نجاح الطبعات السابقة والسمعة التي اكتسبها المهرجان في طبعاته السابقة، وما لفت النظر هو الحضور النسوي.
أصداء من المهرجان رجال الإعلام في أحسن الظروف محافظة المهرجان وضعت جميع الإمكانيات المادية تحت تصرف الأسرة الإعلامية، من قاعة أنترنت إلى جانب النقل. كما سجل حضور أزيد من 30 يومية وطنية ناطقة باللغتين، إضافة إلى العديد من القنوات التلفزيونية والاذاعية الخاصة منها والعمومية، التي واكبت هذا الحدث الثقافي. حضور عربي لأول مرة شهد حفل الافتتاح حضور شخصيتين مسرحيتين عربيتين من مصر والمغرب، هما الأستاذ عمر دوارة مدير مهرجان المسرحي العربي بالقاهرة، والأستاذ عبد الرحمان بن زيدان أكاديمي وباحث مسرحي. لحظات مؤثرة أثناء تكريم عائلة اسطمبولي لم يتمالك عبد الباري، ابن المرحوم محمد اسطنبولي، نفسه أثناء وقوفه على خشية المسرح للتكريم، أين سبقت الدموع كلامه في لحظة مؤثرة صفق لها جمهور القاعة مطولا.
قالوا عن الراحل محبوب اسطنبولي عبد الحميد رابية: ”اسطمبولي من رواد الحركة المسرحية بالجزائر” على هامش حفل افتتاح المهرجان الوطني للمسؤح الفكاهي، أكد الممثل المسرحي والسنيمائي عبد الحميد رابية، أن محبوب اسطنبولي يعتبر من أبناء الحركة الكشفية الجزائرية، وقد قام بتأسيس عدة جمعيات دينية ومسرحية، وكان محبوب إسطمبولي يميل بصفة كبيرة للمسرح الفكاهي، مضيفا أن الراحل كان كاتبا ومسرحيا وشاعرا ورائدا من رواد الحركة المسرحية بالجزائر، والمهرجان كان فرصة لأن تمنح المحافظة للرجل حقه نظير ما قدمه للمسرح الجزائري.
عبد الباري (ابن اسطمبولي): ”إبداع الوالد نتاج تكوينه الديني” عبر الابن عبد الباري عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم وإلقاء الضوء على شخصية الوالد المرحوم. فحسب هذا الأخير، محبوب اسطمبولي كان الوالد والكاتب والفنان والمناضل، خاض مسارا طويلا منذ صغره، حيث كان للقرآن الكريم دور بارز في صقل مواهبه الأدبية، وهو الذي حفظ القرآن في سن ال 14 من عمره، فتفوق في النحو وبرز قلمه ككاتب ثم كفنان من خلال نصوصه المسرحية والأدبية الكثيرة، والتي ستسعى العائلة لتوثيقها كي تبقى مخزونا تتوارثه الأجيال.
الطيب ولد العروسي: ”الراحل يعد من أعمدة الثقافة الجزائرية” اعتبر الطيب ولد العروسي أن الراحل يعد من أعمدة الثقافة الجزائرية عموما والمسرح خصوصا، وترك إرثا كبيرا من أعمال ونصوص وكتابات بقيت تتوارثها الأجيال وتنهل منها. واستحضر ولد لعروسي أهم شهادة تلقاها بخصوص ابن عاصمة التيطري المرحوم اسطنبولي، وهي من أحد رموز الثقافة الجزائرية المرحوم مصطفى كاتب الذي وصف الراحل بالأيقونة في أحد لقاءاته بالرجل.
ممثل وزير الثقافة رابح حمدي: ”تكريم اسطمبولي اعتراف بمكانة الرجل” نوه ممثل وزارة الثقافة رابح حمدي بالخطوة التي قامت بها محافظة المهرجان بتكريم الراحل اسطمبولي، قائلا:”جميل أن تخلد عاصمة التيطري وتكرم اسما مسرحيا وكاتبا قدم الكثير للفن الرابع وترك رصيدا ثريا من الروائع التي مازالت محفورة في الذاكرة. تتويج هذه الطبعة باسم الفنان الراحل ”محبوب اسطمبولي” هو اعتراف ثقافي وفني من القائمين على المهرجان بما قدمه الراحل للفن المسرحي، واعتراف اجتماعي لما قدمه لمدينة المدية على اعتبار أنه ولد وترعرع فيها”.