لم يعد يشغل بال المواطن البسيط همّ أكبر من ارتفاع الأسعار وانهيار القدرة الشرائية، حيث باتت الطبقة المتوسطة قلقة، ما سيترتب عن إجراءات شد الحزام الجديدة التي ستنتهجها الحكومة، وهو الأمر الذي بات حديث العام والخواص مع نهاية السنة. هو قانون لم تعرف الجزائر أعنف منه من حيث التأثير المباشر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن البسيط، حسب رأي المختصين، إذ يطمح لترشيد الاستهلاك، رفع الأسعار وشد الحزام لإصلاح ما أفسدته سياسات التسيير خلال عهد البحبوحة المالية. غير أن هذه التدابير الاستعجالية التي تترجمها مواد قانون المالية لسنة 2016، التي أثارت استياء الجزائريين وجعلتهم يترقبون في خوف حلول سنة جديدة تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات والتخوفات في وضع اقتصادي واجتماعي يخشى الجميع اجتيازه، الأمر الذي جعل هذا المشروع الموضوع الرئيسي في أحاديثهم اليومية . ولم يلق موضوع ولا قانون وطني صدًى لدى الجزائريين كالذي يصنعه مشروع قانون المالية، وفي سياق متصل لا يضيع رواد فايسبوك معلومة ولا خبرا إلا ونشروه ليصل إلى الجميع، وراح بعضهم إلى إضافة عدد من النواب والمسؤولين إلى قائمة أصدقائهم حتى تصلهم أي كبيرة وصغيرة بهذا الخصوص، وحاول آخرون توعية شرائح المجتمع المختلفة من خلال نشر بعض الصور والشعارات المنددة بهذا القانون المرتقب، مرفقين ذلك ببعض المواد الهامة التي تخص زيادات الأسعار. وفي سياق متصل تنشط بعض الصفحات والمجموعات في هذا المجال، حيث تقوم بحملة واسعة لتعريف المواطن بخطورة هذا القانون وتدعو من خلاله جميع الأطراف للتحرك والتعبير عن الرفض المطلق للشعب الجزائري حيال الأمر. ورغم الرفض الكبير الذي يلقاه الوضع الاجتماعي والحالة الاقتصادية التي تمر بها الجزائر، إلا أن أغلب المدونين والناشطين عبر صفحات فايسبوك يدعون إلى الهدوء والسلم، حيث لا تتعدى آراؤهم بعض المنشورات التي تدعو إلى التعبير عن الرفض من خلال فايسبوك أوبعض الوقفات الاحتجاجية على أكثر حال. ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، اتخذ التجار والناقلون من مشروع قانون المالية الذي لم يطبق بعد ذريعة لفرض قانونهم الخاص ورفع الأسعار والمضاربة بها، في خطوة جعلتهم ينافسون الحكومة في شد الخناق على ”الزوالية”، فقبل بدء العمل بمواد القانون الجديد شهدت الكثير من المواد ارتفاعا محسوسا في الأسعار، لاسيما واسعة الاستهلاك منها، حيث عرفت الخضر والفواكه واللحوم لهيبا في الأسعار وزيادات وصلت إلى 200 دينار بالنسبة للحوم البيضاء على سبيل المثال، ما أثار حفيظة المواطنين الذين اعتبروا هذه الزيادات غير المبررة لم تعد توازي الدخل الفردي، متسائلين عن الوضع الذي ستشهده الأسواق عند تطبيق قانون المالية، حيث تخوف الكثيرون من شبح غلاء المعيشة ونقص المواد الاستهلاكية والدخول في نفق الندرة الذي طالما عانى الجزائريون منه خلال سنوات كثيرة.