قال الدكتور يوسف بن يزة، المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة باتنة 1، إن الهدف من الغارة الأمريكية التي استهدفت منزلا بمدينة صبراتة الليبية هو ”كسر الحاجز البسيكولوجي وتحدي روسيا” بعد فشل تشكيل تحالف غربي، متوقعا حربا طويلة الأمد في الجارة الشرقية لمحاصرة الموقف الجزائري. ما هو مغزى الغارة الأمريكية على صبراتة الليبية؟ من عادة التدخلات الأمريكية الخارجية في كثير من البلدان أن تكون مجرد صواعق لتفجير الأوضاع الداخلية وقد حصل ذلك في أفغانستان والعراق وليبيا الآن.. ما يحصل هو محاولة لتشكيل تحالف دولي جديد لضرب ما يسمى الإرهاب في ليبيا وهو كسر للحاجز البسيكولوجي وتحد واضح لروسيا ومقارعة لها نتيجة تدخلها في سوريا، هذا من جهة، ومن جهة ثانية هو تعبير عن فشل المخطط الغربي في العثور على وكيل حرب يتولى هذه المهمة تمويلا وتسليحا وقتالا بعد امتناع الجزائر وانشغال مصر بالوضع في سيناء.. ولذلك أتوقع تشكل تحالف دولي جديد لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد في ليبيا ضد داعش ومحاصرة الموقف الجزائري بالمزيد من الإحراج. بخصوص الجزائر هل تعتقد أن موقفها ”الغامض” منذ بدء الأزمة الليبية كان سببا في تعقد الملف اليوم بترتيب تدخل عسكري ثان في البلاد؟ لا أعتقد بأن الموقف الجزائري غامض تجاه ما يحدث في ليبيا، وإذا رأى فيها البعض غموضا فهذا راجع إلى الغموض الذي يشوب الوضع في هذا البلد. على العكس الموقف الجزائري ما يزال يراوح مكانه قبل وأثناء وبعد إسقاط نظام القذافي، وهو موقف متوافق مع مبادئ السياسة الخارجية الجزائرية ومنها عدم التدخل في شؤون الغير والسعي لحل النزاعات بالطرق السلمية.. الصعوبة التي واجهت الجزائر في هذا الملف هي غياب طرف واضح يمكن التعامل معه وتشظي الساحة السياسية والعسكرية الليبية إلى عدة أطراف متناحرة.. ومستقطبة من طرف بعض القوى الإقليمية والدولية ووجود أجندات أخرى تحاول محو أثر الدبلوماسية الجزائرية بمساع مماثلة. كيف تتوقعون انعكاسات الوضع الأمني والإنساني بعد الغارات العسكرية في ليبيا على الداخل الجزائري؟ الجزائر مرشحة للعب دور تركيا في الأزمة السورية بالنسبة للأزمة الليبية من حيث إمكانية زحف الآلاف من المهجرين على الحدود، مع اختلاف واضح في الأهداف السياسية والجيوستراتيجية للبلدين. ولذلك أعتقد أنه من واجب السلطات الجزائرية أن تسعى إلى إقامة منطقة عازلة على الحدود في حالة استحالة إيجاد حل سلمي داخل ليبيا تحت إشراف المنظمات الدولية، مع إعلان الحدود منطقة عسكرية لتفادي سيناريو تسلل الإرهابيين الدواعش وغيرهم بين صفوف اللاجئين. هل الآمال لا تزال معقودة على الحل السياسي في سياق التحرك الدبلوماسي الجزائري التونسي في الوقت بدل الضائع؟ الحل السياسي في ليبيا بالصيغ المطروحة حاليا شبه مستحيل، وقد فشلت أغلب المساعي لإقامة حكومة توافق وطني، والسبب دائما هو الانفلات الأمني وكثرة الميليشيات ووفرة السلاح. ولذلك أرى بأن أي حل سياسي يجب أن يكون مسايرا لحل عسكري داخلي يتم من خلاله إعادة ترميم الجيش الوطني الليبي تحت وصاية الهيئة الأممية، وصهر مختلف الميليشيات داخله، ونزع سلاحها ما عدا تلك الجهادية الرافضة للمسعى. وعندما تخلو الساحة من السلاح ويستحوذ الجيش الوطني على وسائل الإكراه يمكن آنذاك الاتحاد لمواجهة الإرهاب وتشكيل حكومة توافق وطني والشروع في إعادة بناء الدولة الليبية من جديد.