بدأت قوات أمريكية، فرنسية وبريطانية خاصة، في تقديم الدعم لميليشيات ليبية لمحاربة تنظيم ”داعش” الإرهابي، مستأنسة بدخول حكومة فايز السراج، العاصمة طرابلس، وهو الخيار الذي حذّرت منه باحثة أمريكية لاأنه سيؤجج صراع إقليمي ينتقل إلى دول الجوار الليبي. كشف أمس، تقرير بريطاني عن مسؤول في حكومة الوفاق الوطني الليبية، رفض الحكومة أي تدخل عسكري غربي لمحاربة تنظيم ”داعش” في الوقت الراهن، ورجح المصدر، الذي تحدث إلى الصحيفة البريطانية ”التايمز”، أن ترفض الحكومة الليبية أي طلب للسماح بتدخل عسكري، لأن ذلك من شأنه زيادة حالة الانقسام الداخلي. بالمقابل، بدأت قوات خاصة من بريطانيا والولايات المتحدة بتقديم الدعم لميليشيات مصراتة، لمقاتلة إرهابيي ”داعش”، بينما تساند فرنسا القوات المدعومة من قبل برلمان طبرق، لمجابهة تمدد ”داعش” في الشرق وخاصة بنغازي، وهي الخطة التي تضع ”داعش” الإرهابي أمام ثلاث خيارات استراتيجية، فقد تدفع التنظيم الإرهابي إلى تكثيف ضرباته ضد المليشيات المسلحة والمنشآت النفطية لتأزيم الوضع أكثر، أو إلى استهداف القادة السياسيين، أو إلى جر العالم نحو صراع إقليمي عبر نقل المعركة إلى دول الجوار الليبي، كما تقول الباحثة في معهد الدراسات الحربية الأمريكي، هارلين غامبهير. وكانت دول أوروبية قد كثفت ضغوطها لتشكيل حكومة الوفاق وتسلّم مهماتها، لكي تمنح موافقتها على شن هجمات ضد تنظيم ”داعش” الإرهابي، حيث التقى نائب رئيس حكومة الوفاق، أحمد معيتيق، سفراء كل من بريطانياوفرنسا وإسبانيا، الذين عادوا إلى طرابلس للمرة الأولى، منذ قرار مغادرة البعثات الدبلوماسية الأوروبية ليبيا قبل نحو عام. ويرى التقرير البريطاني أن عودة السفراء الأوروبيين، وإن كانت خطوة رمزية لدعم حكومة السراج، فإنها تحمل دلالات أخرى، حيث يرجح أن يكون للأمر علاقة بالتنسيق من أجل مواجهة ”داعش”، لا سيما أن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، رومان نادال، صرح بأن حكومة الوفاق يمكنها الاعتماد على بلاده في محاربة الإرهاب. ويفضل الدبلوماسي الفرنسي، باتريك هيمزاده، عدم تدخل الغرب عسكريا في ليبيا خلال المرحلة الحالية، وخاصة في ظل غياب طلب من رئيس الحكومة فايز السراج، الذي لا يزال في مرحلة البحث عن الشرعية لدى جميع الأطراف المحلية. ومن الناحية الشرعية، يمكن للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التدخل في ليبيا من دون الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي، بحجة مواجهة الخطر الداهم ل”داعش”، لكن الأمر يتطلب تجاوز الأطراف السياسية في ليبيا، وقد يعني ذلك عمليا انهيار الاتفاق السياسي وتعقيد وضع الحكومة الجديدة. ومع تركيز حكومة الوفاق على جمع الليبيين حول شرعيتها، وصعوبة القضاء على تنظيم ”داعش” الإرهابي في ليبيا من دون إرسال قوات ميدانية، يتوجب على الدول التي راهنت على إذن من حكومة الوفاق لمحاربة ”داعش”، التفكير في استراتيجية بديلة للحد من تمدد ”داعش” على الأقل. وفي هذا السياق، يرجح معظم المراقبين أن تلجأ الدول الغربية إلى استراتيجية تقوم على تكثيف الضربات الجوية المركزة والدقيقة لتصفية قادة تنظيم ”داعش” الإرهابي وعرقلة تحركاته، إضافة إلى دعم بعض المليشيات المسلحة على الأرض للحيلولة دون سيطرته على مناطق جديدة. وعلى الرغم من تمكن ”داعش” الإرهابي من السيطرة على مناطق مهمة في ليبيا، ومحاولته خلق نواة اجتماعية تكون حاضنة لأنشطته، فإن خبراء يؤكدون أن نفوذ التنظيم في مدينة سرت، لم يصل بعد إلى المرحلة التي وصل إليها سابقا في مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية.