شكل ملف الأمراض النفسية والعقلية في دول المغاربة وأوروبا وملف الأدوية ودور الأطباء الخواص في المحافظة على الصحة النفسانية للمواطنين محور أشغال المؤتمر الطبي للأمراض النفسية في طبعته ال35، المنعقد بفندق الشيراطون بوهران على مدار يومين، والذي اختتمت أشغاله أمس، بحضور أزيد من 500 طبيب مختص في الأمراض النفسية والعقلية من كل ولايات الوطن، وبحضور أطباء وأساتذة من تونس والمغرب وفرنسا وكندا وبإشراف أربع جمعيات وطنية مختصة في الصحة النفسية والعقلية، ومخابر إنتاج الأدوية المختصة بمحور أشغال المؤتمر ومصالح الضمان الاجتماعي وغيرهم من الفاعلين في الحقل الطبي والصحة النفسية. وأجمع المشاركون في المؤتمر الطبي ال”فرانكو-مغاربي”، أمس، أن 8 بالمائة من الجزائريين مصابين بإمراض نفسية واضطرابات عقلية متفاوتة منهم 4 بالمائة يتقربون من المصالح الاستشفائية والعيادات الخاصة طلبا للعلاج وأربعة بالمائة الآخرين يرفضون العلاج بعدما وجدوا الشارع ملاذا لهم للتشرد في الشوارع والإقامة فيه، مؤكدين أن أسباب المرض تبقى تختلف من شخص مريض لآخر منها وراثية وأخرى مكتسبة وناجمة عن ظروف اجتماعية، كانت وراء إصابتهم بصدمة دماغية تولد عندهم اضطرابات عقلية متفاوتة الخطورة، فمنها ما يعالج بتوجيهات ونصائح بسيطة ومنها ما يتطلب أدوية والمكوث في المستشفى لمدة طويلة. من جهته أوضح رئيس الجمعية الجزائرية للأطباء النفسانيين الخواص، الدكتور فريد بوشان، أمس، ل”الفجر” أن ملف الصحة النفسانية للمواطن يعد مسؤولية كبيرة وما يقارب 1200 طبيب نفساني بالوطن أغلبيتهم أطباء خواص متواجدون بكل ولايات الوطن، بالشمال والجنوب والشرق والغرب، مقارنة بالأطباء النفسانيين العموميين الذين يتمركزون في الشمال بالمستشفيات فقط، في حين لا يوجد لهم أثر في ولايات الجنوب على غرار ولايات تمنراست وورڤلة وغيرها، لذلك نجد الكثير من المرضى لا يتقربون من المصالح الطبية لانعدام الرعاية الطبية الخاصة بهم، ومنهم من يكتفي بالتداوي بالطب البديل وآخرون متشردون في الشوارع، مؤكدا أنه لحد اليوم لا توجد إحصائيات دقيقة ورسمية عن عدد المرضى المصابين بأمراض نفسية أو عقلية وكل ما يقال عن وجود 45 ألف شخص أو 2 مليون شخص، أرقام غير صحيحة، يقول فريد بوشان، لأن الأرقام تتضاعف من يوم لآخر لأسباب وراثية وأخرى اجتماعية. وأفاد ذات المتحدث ل”الفجر” أنه من جملة أسباب إصابة الشخص بأمراض نفسية مشكل القلق والضغوطات النفسية سواء في المنزل أو العمل ومنها أيضا ظاهرة الإدمان على المخدرات وتناول الأقراص المهلوسة، إلى جانب مشاكل اجتماعية عديدة من بطالة وغيرها، تدفع بآلاف المواطنين إلى المصحات العقلية بعدما ضاقت بهم السبل وتعرضوا لانهيارات نفسية سببت لهم العجز عن الإدراك الجيد والمواكبة السليمة للحياة. وفي السياق ذاته أكد الدكتور بوشان أن حادثة انتحار المرأة مع أطفالها بمنطقة حجوط بولاية تيبازة منذ أيام كانت نتيجة إصابتها بحالة هذيان واكتئاب حادة، مثل داء السل الحاد الذي يتسبب في مقتل المريض، إلى جانب إصابتها بانفصام الشخصية، وهي حالات تكون وراثية وأيضا نتيجة مشاكل عائلية. وبالنسبة لعدد الأطباء النفسانيين بالجزائر يصرح رئيس الجمعية الجزائرية للأطباء النفسانيين ل”الفجر” أن عددهم كبير إلا أن مشكل نقص الأسرّة بالمستشفيات يبقى أكبر مشكل مطروح بالنسبة للمرضى إضافة إلى انعدام مصحات خاصة بالطب النفسي. وعلى الصعيد ذاته، طالب الأخصائيون بفتح أقسام استعجالات للتكفل بالحالات المرضية المتوافدة على المستشفيات، والتي تعاني من عجز كبير في الهياكل والموارد البشرية من أسرّة وأطباء نفسانيين. وفي الشأن ذاته أوضح البروفسور سالم برور، مختص في الأمراض النفسية من تونس ل”الفجر” أمس، خلال المؤتمر أن تونس متحكمة في صناعة دواء للمرضى النفسانيين وأن هناك تبادلا دائما مع الأطباء الجزائريين بحيث هناك ثلاثة ملتقيات رسمية يتم مناقشة فيها ظروف العمل وواقع الصحة النفسية، مشيرا إلى أن ما عاشته تونس والجزائر من مشاكل سياسية خلال العشرية السوداء وثورة الياسمين بتونس زاد من عدد الإصابات المرضية بعد معايشتهم لصور الدم والدمار، مؤكدا أن الرفاهية الاجتماعية تحدث جدار ضد اضطرابات النفسية لأن البطالة والفقر سبب كل الأمراض، وأضاف أن السلامة الاجتماعية والاستقرار يجنب المواطن من الإصابة باضطرابات نفسية وعقلية وهو مطلب لكل مسؤولي وحكام الدول المغاربية للتقليص من الحالات المرضية.