أعلن المخرج لطفي بوشوشي أن فيلمه ”البئر”، المرشح لتمثيل الجزائر في مسابقة الأوسكار، سيعرض في 23 ولاية، وأول عرض وطني للفيلم سيكون يوم الأربعاء 19 أكتوبر الجاري، حيث سيكون الجمهور الجزائري على موعد مع هذه الرائعة السينمائية التي تتناول أحد مواضيع الثورة الجزائرية. للإشارة، كان فيلم ”البئر” قد تحصل مؤخرا على جائزة أحسن إخراج في مهرجان مالمو للسينما العربية بالسويد، وهي الجائزة الدولية ال11 في رصيد الفيلم منذ إنتاجه سنة 2015. واختارت الجزائر فيلم ”البئر” ليمثلها في جوائز الأوسكار في فئة أحسن فيلم أجنبي، كما دعا وزير الثقافة عز الدين ميهوبي كافة المؤسسات الثقافية للوقوف والالتفاف حول فيلم ”البئر”. ويقدّم المخرج الجزائري لطفي بوشوشي، في فيلمه الروائي الطويل ”البئر”، زاوية مختلفة في تاريخ المرحلة الاستعمارية للجزائر، مركزا على الجوانب الإنسانية للمرحلة الاستعمارية متجاوزا الصورة النمطية التي كرستها السينما الثورية في أغلب الأعمال الجزائرية. ويُغَلّب بوشوشي في فيلمه الهم الإنساني العالمي على الهم الجزائري المحلي، في سياق فني مبتكر يوحّد الشعور بالانتماء إلى الصورة التي يقدّمها المخرج باحترافية عالية على كل المستويات. يروي فيلم ”البئر”، الذي تتقاسم بطولته ليلى مات سيستان، وزهير بوزرار، وأورايس عاشور، ومحمد أدار، إلى جانب مشاركة أجنبية، الممثل ”لوران مورال” في دور الضابط الفرنسي على مدار 90 دقيقة، معاناة سكان قرية صغيرة في الحصول على الماء بعد محاصرتهم من قبل القوات الفرنسية للضغط عليهم لتسليم المجاهدين الجزائريين، لتزيد معاناة أطفال القرية ونسائها برمي جثث عدد من الجنود الفرنسيين في البئر الوحيدة الموجودة في المنطقة، وفي غياب رجال القرية واستمرار مدة الحصار تصبح الحياة مرادفا للموت على ذاك الجسر الرابط بين القرية ومنطقة الموت، التي تنتهي عندها حياة كل من تسوّل له نفسه الهروب من الحصار. وصوّر المخرج بأدق التفاصيل تلك المعاناة في أبسط مظاهر الحياة اليومية. وكان للمرأة التواجد الأكبر في كاميرا بوشوشي، التي لم تحدّد الإطار المكاني ولا الزماني للعمل الذي قدمه كاتب السيناريو ”ياسين محمد بن الحاج” بلغة عالمية عن قصة مراد بوشوشي عم المخرج (ضابط في جيش التحرير الوطني). من جهة أخرى، يقدّم لطفي بوشوشي الآخر (الاستعمار الفرنسي)، بوجه رمادي يبتعد عن السوداوية التي قدمته بها السينما الجزائرية من قبل، دون إغراق في إدانته وتجريمه، مؤكدا على أن الآخر ليس مجرما بالمطلق ولا بريئا بالمطلق، وإنما هو إنسان يحمل من الضعف والرحمة، ما يحمله من القوة والظلم والعداء لكل من يقف أمامه.