تخطت الأصوات المندِّدة بالعنف ضد النساء كل الحدود الجغرافية، وعلا ضجيجها لدى الجمعيات والمنظمات النسائية والمنتديات. ولكن يغضّ البعض الطرف عن العنف الموجه ضد الرجل من قِبَل المرأة، أو قد يستغرب البعض الآخر كلام كهذا، لكنها رغم ذلك تبقى حقيقة يشهدها عدد من البيوت الجزائرية وتفضحها المحاكم. إنها ظاهرة انتشرت بشكل كبير في مجتمعنا خلال السنوات الأخيرة عندما انقلبت الموازين وتخلت نساء عن لقب الجنس اللطيف، وتحولت إلى مجرد امرأة متسلطة تتحكم في زمام أمور أسرتها بدلا عن الزوج الذي لا حول ولا قوة له، وقط يصل بها الأمر إلى حد تعنيفه بالضرب والسب والشتم، ليقف أمام هيئات المحاكم عند الضرورة القصوى كضحية يرجو من العدالة نصرته، وتقف الزوجة كمتهمة تدان في أغلب الحالات بعقوبات سالبة للحرية. وكمثال عن هذه الظاهرة سنقف على بعض الحالات التي عالجتها محاكمنا. امرأة تطعن زوجها بسكين لرفضه اقتناء حاجيات للمنزل أول حالة هي لزوج في العقد الثالث مثل أمام هيئة محكمة الرويبة بالعاصمة، كضحية اعتداء تعرض له على يد زوجته ”سعاد”، فصرح أن هذه الأخيرة تعدت عليه بسكين بعدما رفض الرضوخ لطلبها في شراء بعض الحاجيات، فقامت دون أي مقدمات بحمل سكين من المطبخ وطعنه به. وبعد مقابلة الزوجة صرحت أنه لفق لها التهمة بعد أن طلبت منه هيئة المحكمة إثبات أنها زوجة غير صالحة لمنعها من الحضانة، فرأى أن السبيل الوحيد لأخذ الاولاد تلفيق التهمة لها واتهامها بالتعدي عليه بسكين على مستوى الظهر، والذي سبب له عجزا ب 3 أيام. تحتجز زوجها داخل المنزل لأنه رفض خروجها للعمل انتهجت سيدة في العقد الثالث من العمر، رفقة والدتها، طريقة غريبة لإجبار زوجها على السماح لها للخروج للعمل بعدما قامت بحجزه وضربه، حيث أكد الزوج الماثل كضحية أمام محكمة الجنح أن زوجته ووالدتها قامتا باحتجازه في المنزل وضربه، بعدما رفض خروجها للعمل بعد انتهاء العقد الذي أبرمته مع الشركة التي كانت تعمل فيها، كما طالبها برعاية ابنتهما الرضيعة والاهتمام بأمور المنزل وأنه سيتكفل بجميع المصاريف وإعالة عائلته، وهو ما لم يرق للزوجة التي استعانت بوالدتها. وأمام إصرار الضحية على موقفه قامت حماته بتوجيه له صفعة في الوجه ثم ألقت به على الأرض، وفي هذه الأثناء سارعت زوجته إلى الفرار وإغلاق باب الغرفة متوجهة إلى بيتها العائلي. ولحسن حظه تمكن من كسر باب الغرفة واتصل بزوجته قصد إصلاح الوضع، غير أن هذه أصرت على موقفها. وبعد أيام من الحادثة تقدم بشكوى إلى مصالح الأمن يتهم فيها زوجته بالإهمال العائلي وترك بيت الزوجية وتهمة حجز مواطن دون إذن السلطات الأمنية لحماته. كما طالب هيئة المحكمة بتعويض مالي قدره 60 ألف دينار. وبعد المداولات أدانت المحكمة الزوجة ب 6 أشهر حبسا موقوفة النفاذ مع دفع مبلغ التعويض. أما والدتها فقد تمت إدانتها بشهرين حبسا نافذا. امرأة تُدخل زوجها العناية المركزة بعدما فتحت رأسه بآلة حادة قضية أخرى أثارت حالة استغراب كبيرة بقاعة الجلسات بمحكمة الحراش، للزوج ”م”، الذي مثل كضحية في قضية الجرح والضرب العمدي على يد زوجته التي تسببت له في عجز لمدة 45 يوما، بعدما قامت بضربه إثر نقاش حاد دار بينهما حول أطفالهما، ولأنه خالفها الرأي قامت بضربه بواسطة آلة حادة على رأسه وتسببت له في جرح بليغ، نقل على إثرها إلى المستشفى أين تم إسعافه. وبمثول المتهمة أمام هيئة المحكمة بررت فعلتها أنها كانت تدافع عن نفسها بعدما انهال عليها زوجها بالضرب المبرح، ولم تجد أمامها سوى رد الصاع صاعين، وقد أدانتها هيئة المحكمة ب 18 شهرا حبسا نافذا بعدما تنازل الزوج عن كافة حقوقه. .. وأخرى تضربه بواسطة مقص في شجار دار بينهما زوج آخر في أوائل العقد الرابع تعرض هو الآخر لاعتداء خطير بمقص على يد زوجته في العقد الثالث من العمر، حيث أصابته به في يده وتسببت له في عجز عن العمل لمدة 8 أيام حسب الشهادة الطبية التي قدمها في الملف القضائي الذي أودعه أمام محكمة الحراش، عقب مناوشات كلامية دارت بينهما. وقد وجهت للمتهمة جنحة الضرب والجرح العمدي بسلاح أبيض، وهي التهمة التي نفتها بمواجهتها لهيئة المحكمة وسط ذهول واستغراب الحضور، حيث أكدت أنها لم تقم بضرب زوجها بتاريخ الواقعة المصادف ليوم 2 جانفي 2014 بمقص، وأكدت أنه فعلا وقع خلاف بينهما ومناوشات كلامية حادة قام خلالها زوجها بالصراخ، واعتدى عليها بالضرب بواسطة عصى وتقدمت هي بشكوى ضده بعدما حررت لها شهادة طبية، وهما حاليا مطلقان. ومن جهته الضحية صرح أنه خلال الشجار الذي وقع بينه وبين زوجته قام بضربها بواسطة عصا، وعندها قامت هي بحمل مقصين تمكن من نزع واحد منها وقامت بالاعتداء عليه بواسطة المقص الآخر وإصابته على مستوى يده.ومن جهته دفاع المتهمة طالب بالبراءة لموكلته، باعتبار أن التهمة غير ثابتة في حقها باعتبار أن الضحية تقدم بشكواه بعد 18 يوما من الواقعة، بعدما التمس ممثل الحق العام عقوبة عاما حبسا نافذا و20 ألف دج غرامة مالية. قانونيون: ”ثقافة المساواة بين الرجل والمرأة أنجبت هذه الظاهرة” أجمع لنا عدد من رجال القانون حول ظاهرة العنف الذي يتعرض له الأزواج على يد زوجاتهن عائد بالدرجة الأولى لظهور ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع، ما شكّل دافعاً قوياً لمطالبة المرأة بحقوقها، بيد أن بعض الرجال يتعدّى على هذه الحقوق ويدفع المرأة إلى نيلها بشتى الطرق حتى وإن لم تكن مشروعة، خاصة في ظل تأخير البت في قضاياها وبقائها في المحاكم ”حيناً من الدهر”، ما يشكل عبئاً نفسياً على المرأة ويحفزها للانتقام، مع رمي جزء كبير من المسؤولية على الزوج في حد ذاته الذي يسمح لزوجته بمعاملته بهاته الطريقة لضعف شخصيته مع عجز بعض الأزواج عن فهم الحياة الزوجية. ورأى البعض الآخر أن من أسباب عنف الزوجة هو زواج الرجل بامرأة أخرى وما يتبعه من تقصيره مادياً ومعنوياً في حقوق المرأة، وفي بعض الأحيان إذا أصبحت الزوجة أقوى اقتصادياً من زوجها قد تعنّفه، موضحين أن بعض الرجال يحتملون هذا العنف رغما عنهم لضعف بنيتهم الجسدية، ما يجعلهم عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم. كما تستغل المرأة نفوذها الاقتصادي في تأجير شبان للانتقام من زوجها، وقد يصل هذا إلى حد القتل. كما أكدوا على موقف التشريع في هذه الجرائم، أنها تساوي بين الرجل والمرأة، فمهما كان الفاعل فأركان الجريمة واحدة والعقوبة واحدة، حتى وإن لاحظنا أن القضاة أكثر تساهلا مع النساء في هذه الجرائم.