أقرت المحكمة الدستورية في كوريا الجنوبية، يوم أمس، عزل رئيسة البلاد بارك غيون-هي من منصبها على خلفية تورّطها في قضية فساد، مؤيدة في ذلك قرار البرلمان بهذا الشأن الذي تبنى في ديسمبر الماضي مذكرة إقالتها ب234 صوتا مقابل 56. وتعد إقالة بارك كون-هيه من منصبها كرئيسة للدولة سابقة في تاريخ كوريا الجنوبية. وكانت محكمة وجهت الاتهام للرئيس الأسبق روه مو-هيون عام 2004م في محاكمة مماثلة، لكنها المرة الأولى التي اقرر فيها إقالة رئيس البلاد. وصدر قرار إقالة بارك بالإجماع من 8 قضاة شاركوا في المحاكمة. وستنهى مهام بارك قبل اكتمال فترة ولايتها، حيث تولى رئيس الوزراء هوانغ كيو-آن، منصب الرئيس في انتظار إجراء الانتخابات الرئاسية في أوائل ماي المقبل. دعا الرئيس المكلف، أمس، الهيئات الأمنية في بلاده، على رأسها وزارة العدل والشرطة، إلى بذل قصارى جهودهم لمنع حدوث أي اشتباكات بين المشاركين في المظاهرات المؤيدة والمعارضة لإقالة الرئيسة بارك. وأعرب هوانغ عن أسفه تجاه سقوط قتلى وجرحى في مظاهرات أمس، داعيا إلى بذل قصارى الجهد لحماية الشعب وحفظ الأمن. وقال إنه يحترم قرار المحكمة بشأن بارك، ويشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه بصفته رئيسا لمجلس الوزراء. وأوضح أنه سيوجه خطابا للأمة يعرب فيه عن عزمه إدارة شؤون الدولة، ويدعو فيه جميع الأوساط إلى التعاون والدعم للوحدة الوطنية. ونقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية تصريحات رئيس المحكمة لي جونغ-مي إن ما قامت به بارك ”إساءة بالغة إلى روح الديمقراطية وسيادة القانون”، مضيفا أن الرئيسة بارك قد أقيلت. وبرّرت المحكمة الدستورية قرارها بأنّ بارك انتهكت الدستور عندما سمحت لصديقتها تشوي سون-سيل بالتدخل في شؤون الدولة رغم أنها لا تشغل أي منصب رسمي. وورد في قرار المحكمة: ” على رئيس الدولة ممارسة حقوقه وفقا للدستور والقوانين وخضوع أداء الرئيسة للتقييم بصورة شفافة ومعلنة، غير أنها أخفت حقائق عن تدخل صديقتها المقربة تشوي سون-سيل، ونفت الشكوك في هذا الأمر وانتقدت الجهة التي أثارت الشكوك”. وأضاف القرار ”دعمت الرئيسة بارك صديقتها ”تشوي” التي سعت لتحقيق مصالح شخصية من خلال تأسيس مؤسسات ثقافية ورياضية، واستمرت في تصرفاتها التي تنتهك الدستور والقوانين بصورة مستمرة خلال فترة مهامها”. وأضافت المحكمة بأن الرئيسة بارك لم تتعاون مع تحقيق النيابة العامة وفريق التحقيق المستقل، ورفضت مداهمة القصر الرئاسي، بعد أن تعهدت بتعاونها من أجل تقصي الحقائق، عبر الخطاب الموجه للأمة. واشطن تحترم قرار الإقالة وتتطلع لعلاقة مثمرة مع الرئيس القادم وفي السياق عقّب مارك تونر القائم بأعمال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية على قرار المحكمة الدستورية بإقالة الرئيسة بارك، يوم أمس، إن الحكم بإقالة الرئيسة ”بارك كون هيه” قد جاء بناء على القرار الذي اتخذه الشعب الكوري والهيئة الديمقراطية من أجل مستقبل كوريا، مؤكدا أن الحكومة الأمريكية تحترم ذلك القرار وأن بلاده لا تتخذ موقفا تجاه القضايا الداخلية لأي دولة. وأضاف أن علاقة التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة ستكون محورا رئيسيا للحفاظ على الأمن الإقليمي، معربا عن تطلع بلاده إلى علاقة مثمرة مع الرئيس القادم لكوريا الجنوبية، وشدد على أن واشنطن ستظل حليفا مخلصا لكوريا الجنوبية للدفاع عن أمنها من تهديدات كوريا الشمالية. يذكر أنّ بارك كون هيه مرشحة حزب سيه نو ري، الحزب الحاكم فازت ب 51.6 بالمئة من الأصوات على مون جيه إين مرشح الحزب الديمقراطي المتحد الذي حصل على 48 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الثامنة عشرة التي جرت في 19 من شهر ديسمبر 2012. وبارك هي الابنة الكبرى للرئيس ”بارك جونغ هي” الذي حكم كوريا من مطلع الستينيات وحتى اغتياله في أواخر السبعينات.