عزف الكثير من المترشحين لاستحقاقات ماي المقبل عن استغلال فضاءات الحملة الانتخابية، كما عزف الناس عن حضور التجمعات، فكثير من المرشحين أقاموا لقاءاتهم أمام كراسي فارغة، والسبب تفضيل المواطنين متابعة المترشحين عبر صفحات الفايسبوك، دون عناء التنقل إلى مكان المهرجان الانتخابي. غيّر الفايسبوك الصورة النمطية للحملة الانتخابية، التي كانت تقتصر على انتظار ظهور المترشح لدقائق معدودة عبر شاشة التلفاز، أوالتنقل إلى مكان تنظيم التجمع للالتقاء بالمترشح والاستماع لخطابه، فبات بالإمكان متابعة كل تحركات المترشحين عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. ويشارك في الانتخابات التشريعية المقبلة 11334 مترشحا موزعين عبر 940 قائمة انتخابية، اختاروا هذه المرة الخروج عن المألوف ومواكبة التطور الرقمي، بفتح حسابات على انستغرام وأخرى على صفحات فايسبوك، مستغلين الأنترنت باعتبارها وسيلة إعلام الشباب الأولى، فهم يشكلون 70 بالمائة من مرتاديها، ولا يقتصر الأمر على الشباب، حيث أن 30 بالمائة ممن يتصفحون الأنترنت من فئة 45 سنة فما فوق. وعزفت التشكيلات السياسية التي ستدخل غمار التشريعيات المقبلة عن استغلال الفضاءات المخصصة للحملة الانتخابية، كما تخلت بعض الأحزاب عن إقامة التجمعات المبرمجة، وسبب ذلك ميل معظمهم إلى استعمال الفايسبوك للاشهار الانتخابي، فقام عدد منهم بنشر فيديوهات مصورة عن التجمعات الشعبية لاستمالة الشباب الجزائري وإقناعه بإبداء صوته يوم 4 ماي المقبل، واستغلوا بذلك تصفح أكثر من 13 مليون مواطن للأنترنت بشكل يومي للدعاية الانتخابية والترويج لبرامجهم، بدل التقيد بالطرق القديمة التي لا تلقى رواجا وتتبعا من طرف الشباب، عكس مواقع التواصل الاجتماعي التي اندمجت في الحياة اليومية للجزائريين، حيث تشير الدراسات إلى أن الفايسبوك هو موقع التواصل الاجتماعي الأكثر زيارة، بدليل أنه يتردد عليه يوميا 9.7 مليون جزائري من البالغ سنهم 15 عاما فما فوق، بنسبة 38 بالمائة. ويختلف التفاوت في التردد على هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة ضمن مختلف فئات المجتمع. ورأى المترشحون في ”فايسبوك” منبرا لمخاطبة الشباب وإقناعهم، مستغلين التكنولوجيا في نشر اللقاءات الجوارية والتجمعات عن طريق الصور وتسجيلات فيديو، وهو ما فعله قياديو حزب الأرندي المترشحين، مثلا محمد كيجي بتيسمسيلت، وصديق شهاب في العاصمة. ونفس الشيء بالنسبة لنادية شويتم عن حزب العمال وزميلها رمضان تاعزيبت، والمترشح قوادرية في ڤالمة. ولم يخرج تحالف حركة مجتمع السلم عن القاعدة، حيث كان ينقل آخر التجمعات الشعبية له عبر الفيديوهات المصورة، حيث كانت خطابات قائد الحركة عبد الرزاق مقري تنقل كاملة حتى يتسنى للجميع الاطلاع عليها. نعيمة صالحي عن حزب العدل والبيان، هي الأخرى تلقى تفاعلا كبيرا من طرف الفايسبوكيين الذين أبدوا آراءهم وتعليقاتهم حول منشوراتها الخارجة عن المألوف. والمتتبع للحملة الانتخابية عبر ”فايسبوك” يمكنه الحصول على أكبر عدد من المعلومات حول أي حزب أو تشكيلة سياسية بضغط زر واحد، فالفضاء الازرق يتيح لرواده الاطلاع على كم هائل من المعلومات المهنية وحتى الشخصية. كما أتاح للمواطن مواجهة رجال السياسة والتعليق على منشوراتهم بكل حرية، بل وانتقادهم، وهو ما حدث المرشح بهاء الدين طليبة عن حزب الأفلان الذي فتح النار على نفسه بعد العبارة التي نشرها على صفحته ”لنا عزيزنا وليس لكم عزيزكم”، وهي العبارة التي أحدثت جدلا كبيرا، حتى أن هناك من قال إنها لا تدخل في السياسة أصلا...