تعود مرة أخرى المواضيع الخاصة بالجبهة الاجتماعية والاقتصادية، لتتصدر اهتمامات 83 نائبا معارضا في العهدة التشريعية الثامنة للمجلس الشعبي الوطني، وفي مقدمتها المتصلة بملفات الصحة، العمل، التقاعد، المالية وإجراءات التقشف المقرر مواصلتها لسنة 2018، فهل ستنجح المعارضة في مواجهة الأغلبية الساحقة؟ وما هي هوامش النجاح التي ستحققها؟ ومما لا شك فيه أن العهدة التشريعية التي ستدشن اليوم بالمجلس الشعبي الوطني، للعهدة الثامنة، ستكون صعبة على أحزاب المعارضة بمختلف تياراتها الإسلامية والديمقراطية، باعتبار هناك قواسم مشتركة في النظر للملفات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وتظهر مشاكل الجبهة الاجتماعية والحراك الذي يميز القاعدة والنقابات المستقلة، في مقدمة اهتمامات النواب المعارضين وفي مقدمتهم المتصلة بقطاع المالية وإجراءات التقشف المتتالية في قانون المالية، وانعكاساته على عالم الشغل وارتفاع نسب البطالة بفعل الانكماش المتواصل في مجالات كانت مولدة للشغل، وفي مقدمتها قطاع الأشغال العمومية والبناء والري كنتيجة منطقية لاختزال الحكومة لعدة مشاريع عملا بسياسة التقشف. وفي الجانب ذاته سيعاد طرح ملفات حساسة على الجبهة الاجتماعية لا تزال المعارضة توليها الكثير من الاهتمام، ومنها مشروع قانون الصحة الذي سحب من البرلمان بعد مقاومة كبيرة من قبل المعارضة، بالنظر لتهديده لمفهوم الصحة العمومية وتضمنه لإجراءات خطيرة وتمنح امتيازات للعيادات الخاصة ما يجعل في النهاية مكسب الصحة العمومية يمس في هذا الظرف الإقتصادي بالذات. بالإضافة إلى هذا ينتظر النواب مشروع قانون المالية للسنة القادمة والذي سيكون مواصلة لسياسة التقشف التي شرعت فيها الحكومة منذ سنة 2016، ما يترتب عنه حراك أيضا داخل البرلمان، باعتباره الأساس لعدة إجراءات ستخنق المواطن أكثر الذي انهارت قدرته الشرائية سنتي 2016 و2017 بنسبة 40 بالمائة. فضلا عن هذا تخطط الحكومة الحالية لوضع مشروع قانون العمل الذي يتيح العديد من الامتيازات الجائرة لأرباب العمل مع تضييقه على العامل، وفي مقدمتها إمكانية طرد العامل من قبل رب العمل تحت طائلة أسباب عديدة مع هوامش ضيقة جدا للعامل، وهي ورشة ستشكل لا محالة نقطة جدل كبيرة تحت قبة البرلمان، بدليل أن الحكومة أجلت طرح المشروع في العهدة الماضية خوفا من انعكاساته على الانتخابات التشريعية الماضية. كما توجد ملفات ملغمة أخرى لا تزال تشكل الاهتمامات الأولى للعديد من أحزاب المعارضة ولا سيما الاشتراكية منها، كما هو الحال لقانون التقاعد الجديد، الذي يمنع التقاعد المسبق ودون شرط السن، حيث تمكنت المعارضة في الدورة الماضية من تخفيضه إلى 58 و59 سنة بدل 60 سنة لفئات معينة فقط، وهي تسعى لإلغاء شرط السن والعودة للعمل بالقانون القديم، وتلتقي المعارضة في هذا الملف وتستعد لإعادة طرحه من جديد في العهدة البرلمانية القادمة بالتعاون مع النقابات المستقلة على وجه الخصوص. والمثير أيضا في العهدة البرلمانية الجديدة هو تراجع المعارضة التي كانت تتقدم بأكثر الاقتراحات فيما يتصل بالجبهة الاجتماعية، ممثلة في حزب العمال الذي تراجعت كتلته إلى 11 نائبا، ما يؤثر على تواجدها طبعا في الهياكل واللجان ومراكز القرار داخل قبة البرلمان، ونفس التراجع سجله حزب جبهة القوى الاشتراكية، مع عودة محتشمة للأرسيدي ولو بعدد 9 مقاعد.