تواصل وكالة التعاون والتنسيق التركية ”تيكا”، أعمال ترميم وإعادة إحياء المنشآت الأثرية التي تعود للعهدين السلجوقي والعثماني في شتى بقاع العالم، وفي هذا الإطار تعمل ”تيكا” على ترميم مسجد ”كتشاوة” بمنطقة القصبة بالعاصمة الجزائر، منذ نحو 4 سنوات، ليفتتح أبوابه أمام الجمهور عن قريب، كمتحف شاهد على تاريخ يبلغ أزيد عن 800 سنة. ويعتبر ”كتشاوة” الذي بني عام 1209 ميلادي، رمزًا لعلاقات الصداقة التركية الجزائرية التي تمتد إلى 500 عاما، فالجزائر تحتضن آثارًا عثمانية وتركية، بعضها تمكنت من الوقوف على قدميها حتى يومنا، بالرغم من الاحتلال الفرنسي، وكانت شاهدة على تلك الفترة، كما أن عددًا كبيرًا من تلك الآثار دمّرت أو استخدمت خارج نطاق استخدامها الحقيقي خلال فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر. واستخدم مسجد كتشاوة، خلال الاحتلال الفرنسي للجزائر، كمستودع للسلاح ومن ثم مسكنًا لرؤساء الأساقفة، حتى تدميره في عام 1844. وبعد تدميره، أنشئ مكانه كاتدرائية، بقيت مفتوحة حتى استقلال الجزائر عن فرنسا في 1962. وبعد الاستقلال أعاد الجزائريون الكاتدرائية إلى أصلها الحقيقي أي إلى المسجد، وتحولت إلى أحد رموز استقلال البلاد. غير أن مسجد كتشاوة أغلق أمام المصلين عام 2007، بعد زلزال ضرب المنطقة، لتباشرة تركيا أعمال ترميم المسجد في 2013، عقب زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى.الجزائر، وفي هذا الإطار تواصل تركيا أعمال ترميم المسجد، بفريق مختص وهيئة أكاديمية، وحرفيين ماهرين في فن التخطيط والنقش. ويشرف على أعمال الرسم والكتابة، الخطاط التركي الشهير حسين قوطلو، الذي حظي بجائزة الرئاسة التركية للثقافة والفن 2016، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون الدينية الجزائرية. ووصف قوطلو، مسجد كتشاوة، بميراث الأجداد، موضحًا أنه أعد رسم آيات من القرآن الكريم لخطها على جدران المسجد بالخطين الكوفي والثلث. وقال الخطاط، في تصريحات صحفية، إن ”المسجد سيستعيد هويته الأصلية مع انتهاء أعمال التخطيط والنقش، وسيتمكن إخوتنا المسلمون الجزائريون من إقامة صلواتهم بخشوع داخله”. من جانبها، قالت نوران قره بيلهوريان، الأستاذة في جامعة يلدز التقنية بإسطنبول، والعضو في هيئة ترميم مسجد كيتشي أوفا، إن أعمال الترميم تسير بشكل ناجح، مشيرة إلى أن أعمال الترميم تسير بدقة كبيرة دون تغيير للآثار التي يحملها المسجد في الفترات السابقة. ولفتت بيلهوريان إلى أن الجزائريين والأتراك في هيئة ترميم المسجد، يتبادلون تجاربهم وخبراتهم في مجال الترميم. ومن المنتظر أن تنتهي أعمال ترميم مسجد كتشاوة خلال فترة قريبة، ومن المرتقب أن يشارك الرئيس التركي أردوغان في مراسم افتتاحه. وللإشارة، استهلك مسجد ”كتشاوة” بساحة الشهداء، أزيد من مليار سنتيم في الدراسات التقنية فقط التي خضع لها منذ 10 سنوات.