لم يكن مزارعو الترفاس في الصحراء الجزائرية وجامعوه يعرفون أن منتوجهم هذا الذي لا يكاد يطلبه الكثير في الجزائر، سيصبح أكلة عالمية مشهورة، ومادة تبحث عنها كبريات المطاعم الأوربية والخليجية والمشرقية، بأي طريقة، حيث أضحى الترفاس طعام الأغنياء بعدما وصل ثمنه في فرنسا إلى أزيد من 100 أورو للكلغ الواحد أحيانا. لقد عبّر باعة الترفاس الصغار عن اندهاشهم الكبير لهذا الخبر، وتأكدوا من أنهم كانوا - لعدة سنوات - ضحايا لخداع المصدّرين الجزائريين، الذين كانوا يشترونه منهم بثمن لا يزيد عن 200 دينار للكيلوغرام الواحد في أحسن الأحوال، وقد سمع هؤلاء الباعة أن زبائنهم يعيدون بيعه إلى دول أوروبية وخليجية بالدرجة الأولى بأسعار تتضارب حسب الفصول، تتراوح بين 70 إلى 100 اورو، حسب كل بلد أوروبي أوخليجي ومقدار الطلب عليه منها، وهو ما يعادل 07 آلاف إلى 20 ألف دينار جزائري. بعض زارعيه وقاطفيه القادمين من بشار وبوسعادة، أعربوا عن جهلهم بأسعار سلعتهم خارج الوطن، وقالوا إنه زهيد القيمة في الصحراء، لذلك فإنهم قصدوا الشمال بحثا عن سوق جديدة أكثر ربحا بالنسبة إليهم، وقد كان الأمر سارا في البداية، إذ كانوا يسوقون الترفاس بسهولة في العاصمة والمدن الكبيرة ذات الموانئ التجارية، مثل عنابة، إلى مصدرين مستعدين لشرائه منهم مهما بلغت قيمته، حتى ولو وصلت إلى 500 دج. وقال بعضهم ل”الفجر” أنهم لم يكونوا يعلمون أنهم في النهاية لا يجنون غير القليل بالنظر إلى الملايير التي يجنيها هؤلاء من خلال صفقة واحدة، حيث سمعوا أن عشرات الشاحنات تتوجه إلى نقاط الشحن والتصدير محملة بالترفاس وتعود خاوية، ليتم تصديرها إلى بلدان كثيرة في أوروبا وبلدان الخليج، أين تباع في المحلات الراقية والشعبية على السواء، مثل الفطائر الساخنة. ويقول أحد هؤلاء الباعة وهو من بشار، أن مئات المراهقين والشبان قد تجندوا في بولعظام وغيرها من المناطق الأخرى، باحثين عن نبتة الجوبر، وهي النبتة الني ينمو إلى جوارها الترفاس ويعتاش منها أحيانا، فوجود نبتة الجوبر دليل أكيد على وجود الترفاس داخل التراب المحيط بها، كما يوجد منفردا، وذلك حسب الأنواع، وأهم أنواعه في الجزائر - حسب هؤلاء - هو الترفاس الأبيض الشبيه بالبطاطا، والذي يسمى محليا بالبطاطا الحية، نظرا لاعتماده على الأمطار فقط للنمو دون الحاجة إلى عناية الإنسان. وكما يصنع من الترفاس الحساء الجيد، أوتطهى معه الخضروات الأخرى لتشكل مذاقا شبيها بمذاق الأطباق التي يدخل اللحم في تركيبتها، والترفاس دواء نافع للكثير من الأمراض في بشار وبوسعادة والجلفة وغيرها من مدن الجنوب. وإذا كان الكثير من شباب العاصمة أو المدن الأخرى لا يعرف الترفاس إلا من خلال الاسم، فإن النساء الصحراويات قد استعن ّبه لإدرار الحليب أو إثرائه بالبروتينات والفيتامينات المختلفة التي تساعد الرضيع على النمو أحسن من الطفل الذي لا تتناول أمه الترفاس، كما استعملنها لتجميل الشفاه ومنع تشققها خلال فصل الشتاء القارص، في حين استعملها بقية الناس في الوقاية أو علاج الرمد الحبيبي الذي يصيب العيون ويتسبب في اضطرابات الرؤية.