يبدو أن التلاعبات واختلاس المال العام سلوك في طريقه أن يصير واحدا من أخطر ما يهدد مجتمعنا ويضرب الإقتصاد الوطني في العمق ويزيد في توسيع دائرة معاناة الضعفاء والمغلوبين على أمرهم في الجزائر•• فمن الشرق إلى الغرب ومن الجنوب إلى الشمال تهز الفضائح مختلف القطاعات وتختلس الملايير وتكتشف الثغرات والتلاعبات وسوء التسيير، والبارز فيها أن أبطالها في الغالب هم مدراء وجدوا أصلا لخدمة الوطن والمواطن، فانحرفوا نحو الفساد وكأنهم جبلوا عليه• خلال الأسبوع الأخير فقط، عالجت العديد من المحاكم قضايا فساد مختلفة وهو الأسبوع نفسه الذي جاءنا بمديرين ومسؤولين جدد اكتشف أمرهم من قبل لجان تحقيق وزارية أو أمنية، فكانت الفضائح والزج بالبعض منهم في الحبس المؤقت ووضع بعضهم تحت الرقابة القضائية، والمؤكد أن ما خفي أعظم، كما يقال، فبعنابة وضع مدير إقامة جامعية تحت الرقابة القضائية، والتهمة اختلاس وتبديد أموال عمومية وفتح تحقيق جديد في اختلاس أزيد من 100 مليون سنتيم من صندوق التوفير والإحتياط وبقسنطينة تم إنهاء مهام مدير النشاط الإجتماعي والتحقيقات متواصلة من قبل لجنة وزارية مكثت بعاصمة الشرق لأزيد من أسبوع، واستمعت إلى كل مسؤولي المراكز التابعة للقطاع• وبمطار "محمد بوضياف" تم توقيف رئيسة مصلحة وهي تقبع في سجن الكدية، في انتظار محاكمتها بعد أن رفض قاضي التحقيق منحها الإفراج المؤقت، أول أمس، والتهمة التلاعب بتذاكر الجوية الجزائرية• وفي بحر الأسبوع نفسه، شهد إيداع قاضي التحقيق لدى محكمة بئر العاتر بتبسة مدير وكالة البنك الوطني الجزائري الحبس المؤقت رفقة مسؤول الخزينة بذات الوكالة وموظفين بتهمة عدم التبليغ عن مبالغ مالية مزورة والقائمة طويلة •• ولا مجال للحديث عما تشهده مديريات الضرائب والعقار والجمارك وهو ما يبرز أن الفساد في طريقه إلى أن يصبح ثقافة عند أغلب مسؤولينا ومن ثمة فهو الجحيم بعينه• ولا أظن أن ميكانيزمات الرقابة الحالية المتبعة من قبل أجهزة الدولة وتكليف مصالح الضرائب والجمارك من قبل الحكومة مؤخرا بالإبلاغ عن الثراء المشبوه والتلاعبات، كافية لفرملة هذا "الغول"، في غياب إصدار أقصى العقوبات ولم لا فضح المفسدين من المسؤولين إعلاميا وعرضهم أمام الرأي العام حتى يكونوا عبرة لمن يعتبر؟.