هذا الملتقى الوطني حضره العديد من الأطباء المختصين ورجال القانون بما يزيد عن 300 مدعو، جاؤوا من مختلف ولايات الوطن فإلى جانب تيزي وزو هناك سطيف والعاصمة وأعضاء من المجلس الوطني لأخلاقيات مهنة الطب والذين أثروا اللقاء بمحاضرات قيمة لقيت تجاوبا كبيرا من طرف الحضور بالنظر إلى الموضوع المختار والمتمثل أساسا في مضمون أخلاقيات المهنة الطبية، وكذا كيف للطبيب أن يحافظ على اسراره المهنية، مع التطرق إلى كيفية ترقية حقوق المريض وعن دور علاقة الضمان الاجتماعي بالطبيب والهيئة المستخدمة على حد سواء• وقد أدرج المنظمون ما يعادل 11 مداخلة انقسمت إلى ثلاث ورشات انصبت مفاهيمها حول مهنة الطب وكيفية تفادي الأخطاء المرتكبة من طرف الطبيب مثلما أوضحه مسؤول الفرع الجهوي لأخلاقيات مهنة الطب فرع تيزي وزو الدكتور ديبون، في حين تطرق الدكتور بيكات من المجلس الوطني للطب إلى أشغال الملتقى حيث نوه بدور الأطباء الجزائرين والكفاءة المهنية العالية التي يتسم بها هؤلاء، داعيا إلى ضرورة وضع اهتمامات وصحة المريض فوق كل اعتبار لأن - حسبه - كل خطأ قد يغفر لكن ليس في المجال الطبي، بل يحول مرتكب الخطأ إلى المتابعة القضائية• كما لقيت المداخلة التي ألقاها النائب العام لدى مجلس قضاء تيزي وزو الطيب لعزيزي حول الطب الشرعي وعلاقته بالقضاء اهتماما كبيرا حيث أكد أن الطب الشرعي يندرج في إطار إصلاح العدالة، متحدثا في السياق ذاته عن الدور الاساسي الذي تلعبه الخبرة في الملف الجزائي• وحسبه فإنه مهما كان المستوى الثقافي العالي لأي قاضي فلا يمكن له الاستغناء عن المعارف العلمية المتعلقة بالطب الشرعي الذي يعتبر بمثابة العلوم التي يعتمد عليها العلم الجنائي للتوصل إلى حقائق ونتائج بخصوص البحث في القضايا الجنائية المعروضة على العدالة، خاصة وأن الطب الشرعي يتصدى لمعالجة مختلف الظواهر الاجتماعية كالانتحار والجرائم والحوادث المختلفة، وهو الذي تشمل مواضيعه طيفا واسعا من حوادث العمل والأمراض المهنية وحوادث السير وكذا المشاكل الجنسية والأمراض العقلية إلى جانب تحديد المسؤولية الطبية في حالات الإهمال وسوء الممارسة في السلك الطبي وكذا تشريح الجثث في الحالات المشبوهة أو الموت المفاجئ وكذا فحص الوفيات• ومن جهته الدكتور زيري من المجلس الجهوي للطب بتيزي وزو تطرق إلى موضوع مهنة الطب والخبرة القضائية من منظور أوسع، مؤكدا انها رسالة نبيلة تهدف إلى المحافظة على صحة الإنسان الجسدية والنفسية والتخفيف من آلامه ورفع مستواه الصحي العام، حيث يستوجب على الطبيب في هذا المقام بأن يستلهم ضميره المهني في معالجة المرضى بدون تميز بسبب الجنس او العرق، كما يجب عليه احترام إرادة المريض قدر المستطاع• كما تعتبر - حسبه - الخبرة القضائية من اهم الإجراءات المساعدة للقضاء قصد استكمال التحقيق في مسائل متعلقة بمسائل فنية، مؤكدا أنه يستوجب وجود مختصين يساهمون في رفع اللبس عن هذه القضايا المطروحة على العدالة والتي قد تعجز في حلها في ظرف وجيز، لاسيما عند القاضي الذي تخول له صلاحيات متابعة هذه القضايا سعيا منه إلى تحقيق العدالة المرجوة• كما تعتبر الخبرة القضائية من أهم مراحل الدعوى باعتبار أن أطراف النزاع في هذه الحالة يقدمون ادعاءاتهم للمناقشة وعلى الخبير هنا إثبات صحة المعلومات• كما كان موضوع مدونة القواعد القانونية للطب وعلاقة الطبيب بالمريض من بين المحاور التي تطرق إليها الدكتور بولعسل عضو بالمجلس الجهوي بتيزي وزو والذي تحدث عن العلاقة التي تربط الطبيب بالمريض، حيث دعا إلى ضرورة خلق جو تسوده الثقة والاحترام بين الطرفيين، وقال "على الطبيب أن يكون قدوة حسنة في المجتمع من خلال التزامه بالمبادئ والمثل العليا وكذا سعيه الكبير لخدمة الصحة العمومية أمنا على حقوق المواطنين، إلى جانب دعمه لدور النقابة لتطوير السياسة الصحية والارتقاء بها للصالح العام وأن يكون متعاونا مع اجهزة الدولة المعنية في رسم الخطة الصحية للهيئة التي يعمل فيها، كما يشترط عليه إخطار المصالح الصحية المختصة في حال مصادفته لأي مرض وبائي خطير قصد اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لتفادي العدوى، كما يشترط على الطبيب في هذه الحالة أن يخبر المريض بكل المعلومات المتعلقة بحالته الصحية بطريقة مبسطة ومفهومة وأن يقدر حالته الاجتماعية والنفسية وكذا المالية وأن لا يفشي سر هذا المريض إلا اذا كان بناء على قرار قضائي او في حالة إمكان وقوع ضرر جسيم"• كما كان هذا الملتقى الذي نظم بمبادرة من المجلس الوطني لأخلاقيات الطب بالتنسيق مع الفرع الجهوي لتيزي وزو فرصة للم شمل حوالي 300 طبيب يمثلون مختلف الجهات الصحية للوطن والذين توصلوا إلى تحديد بعض المفاهيم الجديدة في مجال أخلاقيات الطب، مع تطرقهم إلى العلاقة التي تربط كلا من المصالح الطبية بالقضاء وكذا العاملين بالضمان الاجتماعي والذين استنتجوا مدونة قانونية مفادها ضرورة احترام أخلاقيات المهنة الطبية والخبرة وكذا حقوق المريض والدين والاتصال•