فالزائر إلى مدينة أبومروان الشريف يحمل دائما شغفا وشوقا كبيرين للنزول بساحة الثورة "الكور" للتمتع بعبق الياسمين وعطر زهور جبال سرايدي ونفحات غابات الزيتون والفلين كل ذلك يشكل لوحة طبيعية منفردة من نوعها مما يعطي انطباعا مميزا لدى القادمين من بعيد والباحثين عن الراحة والأمان، هذا بالذات ما حاول الكور العنابي إلى فضاء سياحي متميز يقصده يوميا آلاف العائلات والشباب لقضاء سهراتهم في التنزه عبر الأرصفة الطويلة والبولفار أو للجلوس في الهواء الطلق أمام أكواب المثلجات ومختلف أنواع المشروبات والمأكولات. كانت الساعة تشير إلى العاشرة ليلا مدخل المرور كان مكتظا عن آخره بالسيارات والراجلين لدرجة تشكيل طابور من السيارات على طول الشارع العنابي المؤدي إلى ساحة الثورة انطلاقا من محطة سيدي إبراهيم. وبالمدخل الرئيسي تقابلك كنيسة لالا بونة وآثار هيبون ومعالم سياحية أخرى ساهمت في دفع عجلة التنمية بالمنطقة التي أنجزت بها منتجعات سياحية أخرى، فأرصفة الكور مغطاة بالزوار والمتجولين أغلبهم من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا ومرسيليا والسكان الأصليين لبونة الذين اعتادوا على الخروج إلى هذا الفضاء منذ شهر جوان المنصرم لتبديد حرارة الصيف واحتساء أنواع الشاي والقهوة. وعبر مساحات كبيرة كانت العديد من العائلات تجلس في شكل مجموعات صغيرة إلى بعض الأطباق من الأكل ورائحة السمك المشوي على الجمر مرفوقة بأطباق المثلجات. وفي زاوية أخرى من هذا الفضاء وعلى أغاني المالوف والموشحات الأندلسية التي تريح الأعصاب والبال يتمتع الساهرون بالحكايات الطريفة وتبادل الحديث عن الغربة والحرقة كل هذا يستمر إلى ما بعد منتصف الليل، حيث يخيم على المكان بعض الهدوء، لتعود عنابة في لحظات إلى صخب شوارعها في انتظار قضاء أيام أخرى على شواطئها وفي جبالها وغاباتها الكثيفة.