يشهد المنار الكبير الواقع بمنطقة أولاد بوالنار غرب عاصمة الولاية جيجل بحوالي 8 كلم إقبالا متزايدا منذ اليوم الأول من شهر رمضان المعظم في الفترة المسائية خاصة من طرف العائلات، وغالبا ما يكون الأب والأولاد في ظل غياب الأم التي تكون وقتها ملزمة بنفحات المطبخ. حيث يعيش الصائمون لحظات جميلة ورائعة مع حكايات المنار الكبير وأسراره الضاربة في جذور التاريخ والتمتع بنسمات هواء الكورنيش العليلة . هذا وقد أشار "أمير حمدوش" الذي وجدناه رفقة مجموعة من أصدقائه بساحة المنار الكبير بأنه يحس براحة تامة عندما يكون في هذا المكان وأنه يتعلم في كل مرة أشياء جديدة ويكتشف أشياء أخرى عند هذا المنار العجيب أو منارة "رأس العافية" كما هو متعارف عليه اليوم. ويعتبر من أهم المعالم السياحية بجيجل رغم كون بنايته وهيكله تابع في التسيير إلى الديوان الوطني للإشارات البحرية ومهمته هو توجيه البواخر وإعطاء إشارات للملاحة البحرية إلا أن أسطورته، يضيف صديقه "بولعسل سمير" حولته إلى مكان للزوار من مختلف الشرائح والجنسيات وهو من بين أكبر المنارات و أقدمها الموجودة على الشريط الساحلي الجزائري، وقد تم إنجازه سنة 1867 وشرع العمل به سنة 1907 بالمازوت إلى غاية 1936 أين تحول تشغيله بواسطة الكهرباء ثم آليا سنة 1992 . وقد شيده النحات الفرنسي "شارل سالفا "بالمجر ويتواجد بمنطقة العوانة، وقد كلفه هذا الانجاز كثيرا من المال مما أدى الى إفلاسه.. حيث تحول بعدها إلى مزارع بسيط بمنطقة قاوس. ويقول السيد الصديق الذي وجدناه رفقة أبنائه الثلاثة بأنه انبهر كثيرا بصومعة وقبة المنارة التي لونت صفائحها الخارجية بالأحمر . والمنارة عبارة عن مجسمات في شكل مثلثات تعطي إشارة ضوئية في كل دورة، كما تحدث حمدوش عن أسطورة المدفأة ومقعد القبائل وحكاية لالا عيشة ومريم ، إضافة إلى كونه مزارا للعديد من الملوك والوزراء في الخمسينات ومؤخرا زاره رئيس دولة مالي سنة 2007 وسفير المملكة العربية السعودية في زيارة عائلية وسفراء الدانمارك والسويد وفرنسا وغيرهم إلى جانب الفنانين والمشاهير. ويبقى بذلك المنار الكبير الذي يصنع أفراح وبهجة زوار الكورنيش الجيجلي، يصنع يوميات الصائمين في شهر رمضان وسط أجواء ميزتها المتعة والفرجة.