ورغم أن المصادقة على الأمر المتعلق بإلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية دخل حيز التنفيذ منذ قرابة ست سنوات، نتيجة الانعكاسات الكبيرة التي أحدثها زلزال بومرداس في 2003 وقبله فيضانات باب الوادي سنة 2001 على ميزانية الدولة، إلا أن الإجراء لم يحفز المالكين على تأمين عقاراتهم، وبقي المواطن الجزائري عازفا عن ذلك، وأصبحت الدولة أمام أي كارثة طبيعية الملزم الوحيد بتحمل مسؤولية التعويض عن خسائرها، العزوف الذي أرجع بعض المختصين سببه الرئيسي إلى عدم تجذر ثقافة التأمين بعد في المجتمع الجزائري، كون الدولة تأخرت في إصدار القانون الخاص بإجبارية التأمين ضد الكوارث الطبيعية ، ولم تتابع قانونيا من يمتنعون عنه، واعتبر هؤلاء أن النشاط السيزمي الذي شهدته الجزائر في العشرية الماضية، بعد زلزال الأصنام سنة 1980 الذي دمر حوالي 70 % من المدينة وكلف ميزانية الدولة مليارات الدينارات آنذالك، ووجدت الدولة نفسها بعد مرور أكثر من 20 سنة ماتزال تتخبط في مشكل تعويض المتضررين وإسكانهم، ومثله زلزال تيبازة في أكتوبر 1989ومعسكر في أوت 94 وسطيف، وفيضانات باب الوادي التي جاوزت خسائرها الملايير، كلها لم تدفع الدولة لتبني استراتيجية ناجعة في المجال، واختارت في كل مرة الافتكاك من خزينتها لتجاوز الأزمة ،إلا أن وقع تكلفة هزة بومرداس في 2003 على ميزانيتها، إذ تجاوزت خمسة وعشرين مليارا، جعلها تفكر في ضرورة خلق ميزانية خاصة بالكوارث الطبيعية، عن طريق استصدار قانون إجبارية تأمين المواطنين لممتلكاتهم العقارية. ولكن آخر الدراسات بينت أن فئة معينة فقط من الجزائريين تقبل على التأمين ضد الكوارث الطبيعية، هي القاطنة بالأحياء الحضرية الغالية، تليها فئة سكان الأحياء التي يعود تاريخها للعهد الاستعماري بنسبة قليلة، ثم سكان الأحياء القديمة للمدن بصورة ضعيفة جدا. كما أظهرت بعض الإحصائيات الحديثة حول المسألة، أن العديد من الناس لا يعلمون بوجود هذا النوع من التأمين، الذي تتراوح أقساطه ما بين 1200 و2500 دينار للسنة عن كل ملكية وأن بعضهم الآخر لا يعلم بأن هذا التأمين إجباري. فنقص تنظيم حملات مستدامة للتوعية حول الأمر وكذا افتقار الجزائري للثقافة التأمينية بصفة عامة، واعتماده على الدولة، وعدم ثقته في وكالات التأمين سواء التابعة للقطاع العام أو الخاص والمشاكل العقارية، كلها أسباب وراء عزوفه عن تأمين عقاره.