تشير آخر الإحصائيات المقدمة من طرف المجلس الوطني للتأمينات والمتعلقة بنشاط شركات التأمين، خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، إلى انتعاش ملحوظ مقارنة بالسنوات الفارطة، غير أنه يلاحظ أيضا هيمنة التأمين على مختلف الأخطار والكوارث، منها الحرائق، عن باقي فروع التأمين والذي سجل نموا بنسبة 42 بالمائة. فيما عرف التأمين على الكوارث الطبيعية ارتفاعا هو الآخر بنسبة 40 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2007. وكانت شركات التأمين قد ركزت على الترويج لهذا النوع من التأمينات بعد فيضانات باب الوادي وزلزال بومرداس، حيث تحملت الدولة الكثير من الأعباء المالية بسبب غياب ثقافة التأمين على الكوارث الطبيعية. وحسب جدول الإحصائيات الذي يكون قد عرف بعض التغييرات بعد انقضاء ثلاثين عاما، فإن قطاع التأمينات تطور بعض الشيء مقارنة بالسنوات الفارطة، حيث حقق خلال الثلاثي الأول من العام الجاري نموا بحوالي 20 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. وبلغت عائداته 20.9 مليار دينار جزائري (23 مليون دولار) بعدما كانت لا تتجاوز 17.5 مليار دينار جزائري قبل سنة. وما يبينه جدول الإحصائيات، الذي أكدت خلية الاتصال بالمجلس الوطني للتأمينات أنها الأحدث، أنه رغم انتعاش بعض فروع التأمين بشكل ملفت إلا أن فروعا أخرى شهدت تراجعا قد يعود للذهنيات أو العراقيل التي يعرفها بعض المؤمنين أو لأمور تنظيمية، منها عدم تجديد عقود التأمينات مثلما حدث لفرع التأمين على النقل والبناءات، حيث عرف هذا الأخير تراجعا بنسبة 27 بالمائة مقارنة بالسنة الفارطة، بينما بلغت نسبة التراجع التي سجلها فرع التأمين على النقل 30 بالمائة أكثرها بالنقل البحري. نفس الشيء بالنسبة للتأمين الفلاحي الذي عزى المجلس الوطني للتأمينات تراجعه إلى المصاعب المالية التي يعيشها الفلاحون وبلغت نسبة الانخفاض 20.3 بالمائة. وبغض النظر عن هذه الإحصائيات السلبية فقد سجل التأمين على الأشخاص ارتفاعا نسبته 24 بالمائة، فيما بلغ التأمين على القروض ارتفاعا ب 42 بالمائة أغلبها يستحوذها محور التأمين على العقار. ومن المرجح أن يعرف قطاع التأمين تطورا أكبر في المستقبل القريب عقب لجوء شركات التأمين الى إبرام اتفاقيات مع البنوك تتمثل في بيع المصارف المعنية لخدمات تأمين معينة إلى الخواص لحساب شركة تأمين. وقد رخص هذه العملية قانون 20 فيفري 2006 المعدل والمتمم للأمر المؤرخ يوم 25 جانفي 1995 والمتعلق بالتأمينات، كما صدر نصان قانونيان تنفيذان ويتعلق المرسوم التنفيذي المؤرخ شهر في ماي 2007 بتحديد كيفية وشروط توزيع منتجات التأمين من قبل البنوك والمؤسسات المالية والمؤسسات الشبيهة وشبكات التوزيع، كما يحدد المرسوم المؤرخ في أوت 2007، منتجات التأمين القابلة للتوزيع. وهي الإجراءات التي من شأنها دفع واقع التأمينات في الجزائر نحو الأفضل، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى فرض رقابة وتنظيم أكبر لهذا السوق من خلال بعض الإجراءات منها إنشاء لجنة الإشراف على التأمينات، مهمتها ضبط ومراقبة نشاط عمليات سوق التأمينات بموجب مرسوم تنفيذي نشر في الجريدة الرسمية رقم 20. وتسهر اللجنة على مطابقة عمليات التأمين وإعادة التأمين وشرعيتها، حيث يتولى مفتشو التأمين في هذا الصدد مراقبة مدى احترام شركات التأمين وإعادة التأمين وفروع شركات التأمين الأجنبية الناشطة في الجزائر وكل متدخل آخر في مجال التأمين للأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتأمين، كما ينبغي على هذه اللجنة ضمان قدرة شركات التأمين على الوفاء. ويمكن للجنة المطالبة بخبرات لتقييم كلي أو جزئي للأصول والخصوم المرتبطة بالالتزامات التنظيمية لشركة التأمين وإعادة التأمين وفرع شركة التأمين الأجنبية. ويمكن للجنة الإشراف على التأمينات تقليص نشاطها في فرع أو عدة فروع تأمين وتقليص ومنع حرية التصرف في كل أو جزء من عناصر أصولها وتعيين متصرف مؤقت يحلّ محلّ هيئات تسيير الشركة قصد الحفاظ على أملاك هذه الشركات وتصحيح وضعيتها عند اللزوم. ومن جهة أخرى، توافق اللجنة على كل مساهمة لشركة التأمين وإعادة التأمين التي تفوق نسبتها 20 بالمائة وعلى كل طلب تحويل جزئي أو كلي لمحفظة عقود شركة التأمين أو مجموعة شركات تأمين. ويمكن للجنة أن تطلب من شركات التأمين وإعادة التأمين إعداد برنامج داخلي للوقاية والاستكشاف ومكافحة تبييض الأموال . وتعد الجزائر حاليا 16 شركة تأمين، منها 3 شركات عمومية وشركة عمومية لإعادة التأمين، وكذا 7 شركات تأمين خاصة وشركة عمومية مختلطة وتعاضديتين شركتي تأمين متخصصة.