لايزال المجتمع الجزائري لم يبلغ بعد مستوى عال من ثقافة التأمين، خاصة منه غير الإجباري بمختلف صيغه، أهمها التأمين على الكوارث الطبيعية والبطالة وغيرهما، رغم انفتاح السوق على الخواص. ويبرر الكثير من المواطنين ذلك بصعوبة بعض الإجراءات، أهمها طول المدة التي تستغرقها فترة التعويض أو التعقيدات التي يجد فيها المؤمن نفسه معلقا بين العدالة ووكالات التأمين. رغم تأكيد العديد من الخبراء والمختصين في العديد من المرات أن الجزائر بلد ليس في منأى عن أخطار الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وحرائق وغيرها، وهو ما أثبته الواقع، حيث عرفت الجزائر في السنوات الثماني الأخيرة، أكثر من 3 كوارث مأساوية، منها فيضانات باب الوادي في العام 2001 وزلزال بومرداس 2003 ، بالإضافة إلى فيضانات 2008 التي مست أكثر من 9 ولايات، وهو ما يكبد المواطن والدولة الملايير من الخسائر المادية. رغم هذه المعطيات، إلا أن ثقافة التأمين لم تنتشر بعد بشكل واسع في المجتمع جزائري بتلك الصورة التي هي عليها في الدول المتقدمة، رغم تطور السوق وانفتاح مجال التأمينات على الخواص والمتعاملين الأجانب بالجزائر، بالإضافة إلى انخفاض أسعاره، حيث لا يكلف مبلغ تأمين شقة مثلا عن 2500 دج لمدة سنة على أكثر تقدير. حيث أكد مصدر من الغرفة الوطنية للفلاحة ل "الفجر " أن ما مجموع 50 بالمائة من الفلاحين الجزائريين لا يؤمنون على نشاطهم ولا على أراضيهم، بالإضافة إلى أن أرقام المجلس الوطني للتأمينات تقر بوجود 3 ملايين بناية من أصل 6 ملايين غير مؤمنة رغم إلزام القانون الجديد ملاك البنايات والعقارات على تأمينها. وقد يعزف الكثير من المواطنين عن تأمين بناياتهم أو قواعدهم التجارية وغيرها لعدم إدراكهم بأهميته، لكن الكثير من المؤمنين، حسب تعبيرهم، ومن خلال تعاملهم مع بعض شركات التأمين أصبحت لا تثير اهتماماتهم مختلف عروض التأمين المعروضة لعدة أسباب منها "طول المدة الزمنية التي تستغرقها إجراءات الحصول على التعويضات ماديا" وبهذا الخصوص، يؤكد بعض تجار وادي قريش المتضررين من فيضانات باب الوادي "أنهم انتظروا قرابة السنتين لاستلام التعويض المادي، فيما كانت نسبة التعويض لا تساوي قيمة الخسائر"، فيما يفيد كثيرون أنهم لقوا عراقيل أصبحوا بموجبها معلقين بين العدالة ومؤسسات التأمين التي لم تفصل في بعض ملفاتهم إلى اليوم. فهل تعيد الجهات المعنية تنظيم قطاع التأمين بإعادة النظر في المنظومة التي يسير في فلكها؟...