و بمناسبة الذكرى 54 لاندلاع ثورة نوفمبر المجيدة ارتأت " الفجر" إجراء حوار مع أحد مجاهدي المنطقة الذي استرسل في ذكر أبرز الأحداث و المعارك التي عرفتها المنطقة وهو الحاج مجراب صالح الذي كانت بداية مسيرته النضالية في سن الثلاثين وتحديدا سنة 1955 في ناحية الميلية، إلا أنه عايش أحداثا جرت قبل ذلك، حيث قال إن اندلاع ثورة نوفمبر المجيدة لم تقتصر على مكان واحد بل في عدة أماكن من تراب الجزائر في الوقت نفسه. وفي بلدية السمندو أطلقت الرصاصة الأولى في أول نوفمبر 1954 على الساعة الصفر بالضبط، و هذا حسب شهادة بعض المجاهدين الذين عايشوا الأحداث. مراكز هامة احتضنت مجاهدي المنطقة إبان الثورة وكباقي أرجاء أنحاء الولاية الثانية التي كانت تحت قيادة العقيد ديدوش مراد، جرت عدة معارك وأحداث تاريخية بارزة في منطقة السمندو تكبد فيها الاستعمار الفرنسي خسائر جد معتبرة ، حيث أن البلدية كانت تحت سلطة الولاية الثانية بالشمال القسنطيني، فكان تحرك المجاهدين يمتد من داخل البلدية إلى غاية جبل الوحش شرقا و إلى غاية بني والبان الميلية، عين قشرة. وفي هذه المنطقة أي السمندو التي كانت قاعدة ثورية للولاية الثانية من حيث التموين والإمداد بالمجاهدين، أين تشكل جيش السمندو بقيادة الشهيد زيغود يوسف الذي كان نائبا للعقيد ديدوش مراد. و حسب الحاج صالح فإن من بين المجاهدين الذين مروا عبر المنطقة نجد دماغ العتروس ، محمد العربي علي كافي، بن طوبال وغيرهم. و من أبرز المراكز العسكرية مركز المجابرية، بوحاجب عند عائلة عليوش المجاهدة، الطرحة عند عائلة بوشريحة، عياطة عند محمد المدعو عسكر ، الحامة عند عائلة حسيني، سيدي لخضر عند عائلة بن سديرة، سيدي العربي عند عائلة زعير . من معارك السمندو.. معركة بوكركر التاريخية 18 جانفي 55 بعد انطلاق الثورة التحريرية بشهرين و18 يوما، وقعت معركة "بوكركر" الشهيرة والتي استشهد فيها قائد الولاية الثانية الأول العقيد ديدوش مراد رفقة سبع شهداء آخرين من بينهم بوشريحة عباس، وبلوصيف علي. و في هذه المعركة التي كانت عبارة عن وشاية للعدو من طرف بعض الخونة كان الشهيد زيغود يوسف مرافقا للعقيد ديدوش مراد، مارّين بواد بوكركر متجهين ناحية سيدي مزغيش، إلا أنه نجا هو و مجموعة من المجاهدين لأنهم كانوا منقسمين على فريقين، كان الأول بقيادة زيغود يوسف و الثاني بقيادة ديدوش مراد، و كانت خسائر العدو في هذه المعركة جد كبيرة. ناهيك عن معركة "عين طلحة" وهي المنطقة المعروفة ببرج بلمعطي حاليا والتي وقعت سنة 1958 حيث تم تفجير السكة الحديدية من طرف كوموندوس المنطقة بقيادة المجاهد بوحبيلة محمود، و الذي كبد العدو خسارة 28 عربة محطمة كليا، إضافة إلى أطنان من البضائع المختلفة. وهي نفس العملية التي حدثت بقيادة نفس المجاهد في نفس السنة بالقرب من بلدية عين بوزيان حاليا، والتي قتل على إثرها 12 جنديا من جيش العدو إلى جانب عدد كبير من الجرحى. كما كان لقاؤنا بالمجاهد مجراب صالح فرصة ليحكي لنا تفاصيل بعض المعارك التي عرفتها المنطقة، منها معركة نوفمبر 58 بالثوارة حيث قال المتحدث إنه تم يومها حصار14 مجاهدا و استشهد على إثرها ريكوح علي، فريوع عمار، قربوع فرحات وفارس الهاشمي. كما لم تخل سنة 1959 هي أيضا من المعارك، من بينها معركة الديسك و هو مكان يبعد عن منطقة زيغود يوسف بحوالي 2 كلم أين تم تفجير السكة الحديدة وهو ما انجر عنه خسائر فادحة مني بها الجيش الفرنسي. عمي صالح لم ينس معركة شعبة الصيد التي يتذكر أحداثها بالتفصيل، حيث قال إن العدو خلالها كان معززا بالعساكر من بني حميدان و السمندو و بيزو، و كان ذلك في نفس السنة، حيث وقع اشتباك بين الجيش الفرنسي و14 مجاهد كان قائدهم المجاهد بوحبيلة محمود، و مساعدوه مروش موادسي و برحال عبد الله و مغواش حسن. و في أوت من نفس السنة و بمنطقة القنطرة الكملة - يقول عمي صالح - تم احتجاز معمر كان رفقة زوجته من طرف المجاهدين الذين أخذا إلى مكان يسمى هداج و أسرا لمدة ثلاثة أيام، و خلال هذه الأيام طلب من مجاهدي المنطقة الحضور إلى عين المكان و بأعداد كبيرة و بأسلحة جد متطورة و مختلفة من بينها يذكر العم صالح سلاح طومسون أمريكان و 7 /15 فرنوسي و كذلك أسلحة من الطراز الإنجيليزي حيث أظهروا للأسيرين كم هم منظمين و متضامنين و مصممين على الجهاد لنيل الاستقلال. و بعدما شاهدا إصرارهم و إقدامهم تم إخلاء سبيلهما، فاتجهت الزوجة إلى مدينة قسنطينة حيث التقت بها الصحافة الفرنسية، وأثناءها وصفت انبهارها الشديد بما رأت خلال الأيام التي قضتها مع الثوار من قوة وعزم و إصرار و نظام، من أجل نيل الحرية. ولوضع حد لدعايتها حتى لا تؤثر على العساكر الفرنسيين تم ترحيلها إلى فرنسا. و كذلك معركة العريمة لمجابرية سنة 1959 .. يقول الحاج صالح إن أحداث هذه المعركة جرت بينما كان المجاهدون في اجتماع سري في هذا المركز، حيث تمت الوشاية مرة أخرى وتم حصارهم من طرف العدو الفرنسي ليلا، و في الصباح يضيف عمي صالح بدأت الطائرات تقنبل المكان و دامت المعركة حتى المساء حيث استشهد خلالها أربعة شهداء و جرح اثنين. وفي العام الموالي وقعت معركة شعبة سيدي مبارك بعين دالية التي تذكرها المجاهد وهو يتنهد عندما تذكر أحداثها، حيث كان أحد المشاركين فيها رفقة معزوزي العيد المدعو الديمقراطي وحناش عمار، و كان ذلك في اشتباك مباشر دام من الساعة الواحدة والنصف ظهرا إلى غاية حوالي الثامنة ليلا، خسر فيها العدو جنديين إضافة إلى ثلاثة جرحى، بينما نجا المجاهدين كلهم. كذلك معركة عين جنان 1961 حيث وقع اشتباك بين مجاهدين و الجيش الفرنسي الذي تم إبلاغه عن وجود المجاهدين بهذا المكان من طرف أحد الخونة، حيث أقبل عليهم العدو من بني حميدان بيزو واندلع الاشتباك من الساعة الخامسة مساء إلى غاية الليل و استشهد على إثرها حسيني عبد المجيد و زعرور بولخراس. وفي 28 نوفمبر 1961 وقعت معركة الرقارق بعين دالية حيث اشتبك مجاهدان اثنان مع قوات العدو الفرنسي، حيث استشهد خنطول عاشور و نجا الآخر. زيغود يوسف ابن المنطقة.. و عقيد الولاية الثانية بعد استشهاد ديدوش مراد الحاج صالح لم ينس البطل زيغود يوسف ابن هذه المنطقة الثورية، و التي أخذت تسميته حاليا، حيث قال إنه أصبح عقيدا أولا للولاية الثانية بعد استشهاد البطل ديدوش مراد، فكانت له مواقف ثورية جد مهمة أشرف من خلالها على تنظيم المجاهدين و تحفيزهم، كما كان عضوا ناشطا في النضال السياسي علاوة على نشاطه العسكري، و استشهد في 23 سبتمبر 56 بعد شهر من حضوره مؤتمر الصومام، حيث استشهد في اشتباك مباشر مع الاستعمار الفرنسي الذي طوق المكان الذي كان متواجدا به بسيدي مزغيش بوشاية من طرف أحد الخونة. و من الأبطال الذين لا يمكن نسيانهم ذكر الحاج صالح زيغود يوسف بطل أحداث 20 أوت 55 ميهوبي محمد الصالح، ريكوح صالح، بوضرسة عيسى، بوضرسة علاوة، حمودي العربي حسيني، وعبد المجيد قربوعة ساعد مروح حمد عليوش مختار، بلوصيف علي، بوشريحة بولعراس وعباس ، دياب علي بلوصيف علال، مودسي مروش، و كذلك عمي صالح الذي أفادنا بهذه المعلومات التي يمكن أن تكون غير معروفة لدى الكثيرين خصوصا من أبناء المنطقة .