فصل القضاء الفرنسي، أول أمس، في قضيّة الجزائري، كمال بوشنتوف، حيث صدر في حقه حكم عليه بالسجن ست سنوات، بتهمة التواصل مع فرع "القاعدة في المغرب الإسلامي" والتحضير لأعمال إرهابية في فرنسا• في محاكمة لم ترفع اللبس بعد عن لغز "بوشنتوف"، بشهادة محامي الدفاع فريديريك بيرنا، الذي قال إن ملف موكّله يحتوي على الكثير من "مناطق الظل"، خصوصا ما تعلّق بفرضيّة "تورّط يد استخباراتيّة فرنسيّة في القضيّة"• كمال بوشنتوف، أو"أبو زهرة" كما اصطلحت الصحافة الفرنسيّة على تسميته، جزائري الأصل، فرنسي المولد والجنسية، تم توقيفه في 2 ماي 2007 من قبل عناصر شرطة التدخل الخاصة الفرنسيّة، على خلفية اتّهامه بالتحريض على ارتكاب اعتداءات إرهابية داخل التراب الفرنسي، قبل أن يفجّر بوشنتوف، العسكري السابق في الجيش الفرنسي، مفاجأة أخلطت أوراق المخابرات الفرنسيّة، التي سرّعت في تقديمه إلى المحاكمة، بعد أن أكّد أن اعترافاته جاءت تحت الضغوط، وأنه كان في مهمة لحساب مكتب الأمن الداخلي (دي• أس• تي)، لاختراق قاعدة عبد المالك دروكدال، قائد تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي"• وعلى الرغم من مطالب محامي بوشنتوف، فإن عناصر الأمن الداخلي لم تدل بشهاداتها خلال جلسات المحاكمة أول أمس، حيث رفض المكتب الاستخباراتي مطلب قاضي التحقيق في هذا الصدد بداعي "سر الدفاع"، ما يطرح إشكالا في مصداقية المحاكمة، باعتبار أن الجهة المسؤولة عن التحقيق هي بدورها محل اتهام• من جهتها قالت "آن جوديتشلي"، خبيرة الإرهاب الفرنسية، إن بوشنتوف "كان يملك مؤهلات ذاتية جعلته محط رغبة المخابرات في تجنيده، كونه من أصول جزائرية وعلى قدر معين من الدراية بالإسلام وباللغة العربية وممارسا لعباداته، وربما يكون صاحب أفكار إسلامية ساهمت كلها في التركيز عليه من قبل جهاز مراقبة الأراضي الفرنسيّة"• قضيّة بوشنتوف، لم يعتبرها المتابعون قضية محاكمة "مستترة" لعميل استخباراتي متمرّد فحسب، وإنما قضية سياسية على علاقة وطيدة بتنصيب نيكولا ساركوزي رئيسا للجمهورية الفرنسيّة، حيث قال بوشنتوف في شريط صوتي أرسله بالسر من زنزانته في "سجن الصحة" بباريس، إلى الجريدة الإلكترونية الفرنسية "ري 89"، إن "المفاجأة حصلت حينما داهم أعوان أمن فرنسيون منزلي يوم 2 ماي 2007 واعتقلوني، أي قبل أيام قليلة من الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية (6 ماي)•••"، ويرى كمال أن "ما تم كان بتخطيط محكم من دوائر أمنية سياسية، حيث نشرت تقارير عن عملية الاعتقال مباشرة بعد الدور الأول للانتخابات، عن اكتشاف شخص مكلف من تنظيم القاعدة بالتحضير لعمليات إرهابية بفرنسا"• وأضاف بوشنتوف "لا شك أن ما كتبته الصحافة الفرنسية عن الواقعة زاد من التخوفات؛ وبالتالي ساهم في حصول نيكولا ساركوزي على مزيد من الأصوات في الدور الثاني"• ويختم كمال "لا شك أن أمر اعتقالي واتهامي كان مرتبا ومهيئا لمزيد تخويف للفرنسيين في حال حصلت سيغولين روايال (المرشحة الاشتراكية) على أكثرية الأصوات في الدور الأول وذلك باستعمال خطر الإرهاب للتخويف الانتخابي"•