تعتبر الأمراض المهنية التي تصيب العديد من الأساتذة الجزائريين، من أهم العوائق التي تقف دون تحقيق المستوى المطلوب في معظم المؤسسات التربوية، بسبب بقائها خارج قائمة الأمراض المتكفل بها، ما أثار ردود أفعال قوية من طرف نقابات التربية، على غرار قلق الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، الذي دعا إلى الإسراع في إنشاء مرصد وطني لمتابعة المؤطرين، مع وضع نظام للطب المهني يقضي بحماية صحة المربي• عبر، أمس، المكلف بالإعلام والاتصال بالاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، عمراوي مسعود، في اتصال خص به "الفجر"، عن قلق التنظيم النقابي من الأمراض التي تصيب العديد من الأساتذة نتيجة صعوبات مهنة التدريس، مستغربا غياب قائمة خاصة بالأمراض المهنية التي يعاني منها عمال التربية، باعتبار أنه لم يتم الاعتراف إلا بمرض الحبال الصوتية فقط، حيث استثنت أمراض الحساسية بمختلف أنواعها، والأمراض الصدرية، والأمراض العصبية وما ينجر عنها من ضغط الدم والأمراض النفسية، وكذا أمراض تصيب المخبريين لاستعمالهم مواد كيميائية خطيرة، كاليود والكلور والزئبق مثلا، والتي أدت في كثير من الأحيان إلى الموت، أو أمراض مزمنة خطيرة• وكشف عمراوي عن عينة من هذه الحالات، أولها وفاة المدعو (ع•ر)، وهو مخبري بمتوسطة الإمام البخاري بالجلفة خلال السنة الدراسية 2003/2004، جراء التأثيرالبالغ للمواد الكيماوية، وإصابة (ع•م) بمرض صدري خطير سببه إشعاع المواد الكيماوية، باعتباره أيضا مخبريا بثانوية شريف عبد العزيز بالوادي، مما أدى إلى وفاته سنة 2007، دون نسيان إصابة مخبرية بقسنطينة بالعمى جراء انفجار تركيب تجريبي بإحدى متاقن قسنطينة• ويضاف إلىما سبق ذكره إصابة معلمين وأساتذة ومديرين كثر بأمراض عقلية، وهو شأن المخبري (س•ع)، الذي أصيب بمرض عصبي نتيجة التأثير الكبير لإشعاع المواد الكيميائية على الجملة العصبية• وتحدث عمراوي عن أمراض أخرى تنشأ عن ممارسة المهنة، مشيرا إلى الدراسة العلمية الحديثة التي تؤكد انبعاث مواد سامة من آلات الطباعة والنسخ، وممارسة المهنة في أقسام قديمة تعود لعهد الاستعمار، والمشكلة من مادة الأميونت، حيث أثبتت التحاليل أنها مسببة لمرض السرطان• ودعا المتحدث إلى إدراج هذه الأمراض ضمن الأمراض المهنية، باعتبار التحقيقات الصحية كفيلة بأن تكشف هذه الأمراض، مما يستلزم تصنيفها على مستوى صندوق الضمان الاجتماعي، على أنها أمراض لها علاقة وطيدة بهذه المهنة، والتي تؤثر سلبا على مدراء المؤسسات التربوية، إذ يجدون أنفسهم في غالب الأحيان وحيدين في مؤسساتهم يتحملون تبعات قراراتهم مع المحيط، وما يرافقها من أمراض سيكوسوماتية، وهي أمراض نفسية يدفع ثمنها الجسم بإصابة أحد أعضائه، والتي تصل إلى حد التعرض إلى السكتة القلبية• ويأتي موقف الاتحاد الوطني لعمال التربية بشأن الأمراض المهنية لعمال التربية، ليعزز الدراسة التي قام بها مجلس ثانويات الجزائر وكشف عنها في 14 جانفي الجاري، والتي أثبتت أن 90 بالمائة من الأساتذة يعانون من أمراض لها علاقة وطيدة بمدة التدريس، بعضها ناجم عن فترة خدمة لا تتجاوز 10 سنوات فقط، منهم 60 بالمائة يتوفون قبل سن التقاعد أو بعده بقليل، مما جعلها تسعى إلى خفض سن الخدمة إلى 25 سنة• ومن هذه المنطلقات، أكد ممثل الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين على وجوب إجراء تحقيق شامل حول ظروف عمل موظفي التربية بدون استثناء، من قبل وزارة التربية الوطنية وبالتعاون مع وزارة الصحة، لمعرفة أنواع الأمراض التي يعانون منها، مع إنشاء لجنة وطنية مشتركة تسمى لجنة تصنيف الأمراض المهنية، تكون لها صلاحية تصنيفها وترسيمها ضمن مرسوم يصدر في الجريدة الرسمية، بالإضافة إلى العمل على إنشاء مرصد وطني لمراقبة ومتابعة الصحة النفسية، وحتى البدنية لعمال التربية، مع وضع نظام جديد للطب المهني المختص ضمن منظور جديد للدولة يهدف إلى تأمين صحة المربي• وهذا النص الحرفي للدراسة التي أنجزها مجلس ثانويات العاصمة مؤخرا وعرض جوانب منها في ندوة صحفية، لتعميم الانشغال والفائدة•